رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 17 نوفمبر 2025 9:35 م توقيت القاهرة

الوجه الخفي لحروب العصر الحديث

بقلم : حمادة عبد الجليل خشبة 

في زمنٍ أصبح الإعلام فيه سلاحًا، والسوشيال ميديا ميدانًا مفتوحًا للمعارك الفكرية والنفسية، ظهر نوع جديد من الصراع لا يُدار بالبندقية أو الدبابة، بل بالكلمة والصورة والمشهد... إنه الاستفزاز الأخلاقي، أخطر أسلحة التأثير على وعي المجتمعات واستقرارها.

الاستفزاز الأخلاقي هو محاولة مقصودة لهز منظومة القيم لدى الفرد أو المجتمع، عبر مواقف أو تصريحات أو مشاهد تستهدف إضعاف الحس الإنساني وإثارة الغضب أو الانقسام.
قد يكون من خلال نشر مشاهد غير لائقة، أو استغلال قضايا حساسة تمس الدين أو الأسرة أو الهوية، ليُدفع المجتمع نحو ردود أفعال غير محسوبة تفتح الباب أمام الفوضى الفكري .

لم يعد الاستفزاز الأخلاقي قاصرًا على بعض الأعمال الفنية أو التصريحات الإعلامية، بل أصبح منظومة متكاملة تستخدم:

الدراما والإعلانات لترسيخ صور وأنماط سلوكية غريبة عن المجتمع.

السوشيال ميديا لنشر محتوى مستفز تحت شعار “حرية الرأي”.

المنصات الإخبارية لتسليط الضوء على الشاذ والمنحرف كأنه “طبيعي وحديث”.

النتيجة: تشويش فكري وضياع البوصلة الأخلاقية بين ما هو حق وما هو باطل.

مواجهة الاستفزاز الأخلاقي تبدأ من الوعي، فالجهل هو البيئة الخصبة لانتشاره.
يجب أن نحصّن أبناءنا بالتربية السليمة، وأن نُفعّل دور المدرسة والإعلام والبيت في غرس القيم الوطنية والدينية.
كما ينبغي على المؤسسات الثقافية والإعلامية أن تكون درعًا للوعي لا معول هدم، وأن تُقدّم محتوى يحترم عقول الناس ويُعزز الانتماء.

الاستفزاز الأخلاقي ليس مجرد “رأي مختلف”، بل محاولة ناعمة لاختراق الوجدان العام.
فلنكن جميعًا على وعي بأن السكوت عن الخطأ تواطؤ، والاستهزاء بالقيم سقوط، وأن أمتنا التي حمت أخلاقها عبر القرون، لن تُهزم في معركة الوعي طالما فيها رجال يكتبون ويفكرون ويدافعون عن الحق.

قد لا نملك السيطرة على كل ما يُنشر، لكننا نملك القدرة على التمييز، ونملك الكلمة الحرة التي تُعيد الميزان إلى مكانه الصحيح.
فلنحذر جميعًا من هذا “السمّ الأخلاقي” الذي يُقدَّم في قوالب جذابة…
ولنجعل من وعينا حصنًا منيعًا أمام كل استفزازٍ يُراد به تفكيك قيمنا ومجتمعنا.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
8 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.