الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وصحابته والتابعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فضائل العشر الأيام الأوائل من شهر ذي الحجه، ومن الأعمال المستحبه فيها هو الأضحية وهي سنة مؤكدة في حق الموسر، بل إن من العلماء من قال بوجوبها وقد حافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه من أهم الأعمال الصالحة التي ينبغي للمسلم أن يحرص عليها، ويبقى باب العمل الصالح أوسع مما ذكر، فأبواب الخير كثيرة لا تنحصر، ومفهوم العمل الصالح واسع شامل ينتظم كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، فينبغي لمن وفقه الله تعالي، أن يعرف لهذه الأيام فضلها، ويقدر لها قدرها.
فيحرص على الاجتهاد فيها، ويحاول أن يتقلل فيها ما أمكن من أشغال الدنيا وصوارفها، فإنما هي ساعات ولحظات ما أسرع انقضاءها وتصرمها، والسعيد من وفق فيها لصالح القول والعمل، واعلموا يرحمكم الله أنه خلق الله تعالى الخلق، فجعلهم مراتب عنده جل وعلا، وفضّل الله تعالى بعض الخلائق على بعض، وفضّل بعض الأيام على بعض، وبعض الأشهر على بعض، وبعض البلدان على بعض، وبعض الرسل على بعض، فجعل الله تعالى لكل منهم مرتبة اختارها، حيث قال تعالى " وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالي عما يشركون " ومن فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، أوقاتا فاضلة يستكثرون فيها من العمل الصالح، يعظم الله تعالى فيها الأجور والحسنات، فالله عز وجل جعل أعمار أمتنا أقصر من أعمار الأمم السابقة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك" وقد كانت الأمم السابقة ربما عاش أحدهم ألف سنة أو ألفي سنة، ألا تعلم أن نوحًا عليه الصلاة والسلام كانت فترة دعوته فقط قريبًا من الألف سنة، فما بالك بما عاش قبلها وما عاش بعدها؟ فأعمارنا أقصر من الأمم السابقة، لكنا نسبقهم يوم القيامة لأن الله بفضله ورحمته عوضنا عن ذلك بأيام فاضلات جعل الله العبادة فيها أعظم أجرا من العبادة في غيرها، أيام ومواسم تضاعف فيها الحسنات وترفع فيها الدرجات، ومن هذه المواسم الفاضلة هو شهر رمضان الذي بفضل الله وكرمه أعنا علي صيامه وقيامه ونسأل الله أن يتقبله منا، وها نحن نعيش في موسما آخر من تلك المواسم، وإنها العشر من شهر ذي الحجة، أفضل أيام الدنيا.
الأيام التي أقسم الله تعالي بها في كتابه العزيز حيث قال عز وجل " والفجر وليال عشر " والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، وهي الأيام المعلومات التي شرع الله تعالى فيها ذكره، فقال تعالى " ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات علي ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها واطعموا البائس الفقير " على أن المراد بها عشر ذي الحجة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" فاللهم يا سامعا لكل شكوى ويا كاشفا لكل بلوى، فرج هم المهمومين من المسلمين، ونفس كرب المكروبين، وأقضي الدين عن المدينين، وأشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم يا حي يا قيوم اغننا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.
إضافة تعليق جديد