رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 6:15 ص توقيت القاهرة

سامي بوادي المحامي يكتب "اهلا رمضان"

نحب رمضان ونترقبه بين الحين والآخر ونشتاق له كثيرا  نحب رمضان لأنه شهر يتقرب فيه العبد لربه شهر يتخلص الكثير من الناس من الآثام والمعاصي ,شهر تكثر فيه الطاعة ,شهر تكثر فيه الصدقات شهر تكثر فيه أعمال الخير جميعها الإنسان في فترة الصيام روحه تهوى القيام بأي عمل يقربه لله مع أنه يكون متعب ومرهق من الصيام  شهر يعيد فيه المرء تدريب نفسه واصلاح روحه نحب رمضان لأن الله يفتح لنا أبواب المغفرة فالعبد يدعوا والرب يجيب 
لكنوان كان في الصيام مشقة الا انه  ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص، ليكون لها  فيه نصيب. فهو مطلوب قبل كلّ شيء قبل البدء بالتفكير في أعمالنا التي سنقوم بها في رمضان . الإخلاص لله عز وجل .وأن نقصد وجهه جل جلاله والتقرب إليه . فالنية الخالصة لرب العالمين هي سر نجاح الإنسان في الأعمال
وفي مدرسة رمضان نتعلم اداب ومغانم تربوية كثيرة ولكي نربي الروح والنفس على الاخلاص ينبغي التحلي بالتوكل علي الله والاعتماد عليه في عموم حاجات الانسان وثمرة التوكل هى الرضا بالقضاء، فمن وكل أموره إلى الله ورضي بما يقضيه له، ويختاره فقد حقق التوكل عليه ولذلك كان الحسن والفضيل وغيرهما يفسرون التوكل على الله بالرضا
 والتوكل يجمع شيئين : أحدهما : الاعتماد على الله ، والإيمان بأنه مسبب الأسباب ، وأن قدره نافذ ، وأنه قدر الأمور وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى والثاني : تعاطي الأسباب ؛ فليس من التوكل تعطيل الأسباب ، بل التوكل يجمع بين الأخذ بالأسباب والاعتماد على الله ، ومن عطلها فقد خالف الشرع والعقل . وهذا هو الايمان الحق 
ويتأكد ذلك في التوكل على الله في الرزق ، وتحصيله وتفويض الأمر إليه سبحانه والثقة بالله مع ضرورة الأخذ بالأسباب، فقد روي عن النبي الكريم أن الرجل الذي جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأراد أن يترك ناقته فقال أرسل ناقتي وأتوكل؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : [ اعقلها وتوكل ] ومعنى ذلك أنه تعليم للأعرابي أن يأخذ بالأسباب والمسببات مع التوكل .
فقوله اعقلها وتوكل تجمع ما بين العقيده والايمان والعمل والأخذ بالأسباب.ومعظم المسلمين يفهمون التوكل على أنه إعمل وتوكل وفي الحقيقة هو توكل وأعمل والفرق هو أن إعمل وتوكل يجعل التوكل أمراً شكلياً ولذلك لا أثر له في نفس العامل الذي يزعم أنه توكل ، ولكن فهم توكل واعمل يجعل التوكل أساساً فيكون له في النفس الأثر الكبير ويجعل فيها قوة غير عادية قادرة على الإضطلاع بالمهام العظام
.والمتوكل على الله حقا إن صبر على ما يقدره الله له من الرزق أو غيره، فهو صابر، وإن رضي بما يقدر له بعد وقوعه فهو الراضي، وإن لم يكن له اختيار بالكلية ولا رضا إلا فيما يقدر له، فهو درجة المحبين العارفين، كما كان عمر بن عبد العزيز: يقول أصبحت وما لي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر.
وتحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب ، فإن الله تعالى أمر بالأخذ بالأسباب مع أمره بالتوكل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكل بالقلب عليه إيمان به
ولقي عمر بن الخطاب ناسا من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: بل أنتم المتأكِّلون، إنما المتوكل الذي يلقي حَبَّه في الأرض، ويتوكل على الله عز وجل.
وقد سئل الإمام أحمد عمن يقعد ولا يكتسب ويقول: توكلت على الله، فقال: ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله، ولكن يعودون على أنفسهم بالكسب.
وقال الفضيل بن عياض: لم يفعل هذا الأنبياء ولا غيرهم، ولم يقولوا: نقعد حتى يرزقنا الله عز وجل، وقال الله عز وجل: {وابتغوا من فضل الله} .
بان دعا الإسلام الحنيف إلى العمل والجد والإنتاج، ونبذ الخمول والكسل، وجاءت دعوة الإسلام للعمل مقترنة بمبدأ التوكل على الله سبحانه، وحتى لا يكون تواكلاً ومدعاة للكسل وترك العمل، اشترط الدين أن يكون التوكل على الله مصحوباً بالأخذ بالأسباب ومباشرة الأعمال. وأكد علماء الدين أن دعوة الإسلام إلى التوكل على الله جل شأنه لم تكن أبداً بأي حال من الأحوال دعوة إلى القعود والخمول والتكاسل، وإنما لبذل الجهد والعرق من أجل خيري الدنيا والآخرة، موضحين أن قيمة التوكل تعني اللجوء إلى الله في كل الشؤون والأحوال والظروف والأوضاع، وهو متعلق بربوبيته وقضائه وقدره، والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، بل يفرق بين التوكل والتواكل.
فينبغي على الفرد أن يعتقد أن الله تعالى قد قسم الأرزاق بين خلقه ، وقدَّر ذلك في الأزل وأن يقطع العلائق في تحصيل رزقه بينه وبين غير الله تعالى .فلا يرفض العسر ولا يفتخر ويتباهي باليسر فيكون العُدْم والوجود عنده سيين لا فرق عنده بينهما ، يشكر عند الوجود ، ويرضى عندالعدم ، وأن يكون قلب الطالب للرزق معتمداً على الله تعالى ربِّه ، مع بذل الأسباب ، والسعي في تحصيلها . فالسعي في السبب لا ينافي التوكل - وذكر حديث ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله ... ) - ، فأثبت لها رواحاً ، وغدوّاً ، لطلب الرزق ، مع توكلها على الله عز وجل ، وهو المسَخِّر ، المسيِّر ، المسبِّب .والمتوكل علي الله حق توكله حسن الظن بالله تعالى دائما ، ويلجاء إليه بالدعاء ، والسؤال ، والطلب .اذ ينبغي للمهتم بأمر الرزق أن يلجأ فيه إلى الله ويدعوه , كما قال سبحانه فيما يؤثر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِى أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِى كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ ) – رواه مسلم - .
وها نحن في شهر احب الله فيه ان يستجيب لدعاء عباده عند افطارهم وفي تهجدهم وقيامهم ما احوجنا نحن الي التوكل علي الله والاخذ بأسباب سخرها لنا وبتضرعا ودعائنا اليه بان يوفقنا ويرزقنا ثمارها
فحقيقة التوكل: هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها ، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه.
وفي رمضان نتعلم ان قيمة التوكل على الله جل شأنه تعلي الإيمان والإسلام، وفيه راحة البال وسكينة النفس، واللجوء إلى الله (جل شأنه) في كل الشؤون والأحوال والظروف والأوضاع، وفيه قطع الرجاء فيما عند الناس، بل تفصيل وتحقيق قول الله (عز وجل): «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ»، ومعلوم أن الأسباب محل حكمة الله وأمره ونهيه، والتوكل عليه متعلق بربوبيته وقضائه وقدره، والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، بل يفرق بين التوكل والاتكال، فالتوكل على الله مطلوب، والاتكال مذموم ومرفوض.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
10 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.