الحمد لله له الحمد في الأولى والآخرة، أحمده وأشكره على نعمه الباطنة والظاهرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، هدى بإذن ربه القلوب الحائرة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه نجوم الدجى والبدور السافرة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد لقد حذرنا الإسلام من السحر وأخبرنا بأنه قرين الكفر، وينقسم السحر إلى قسمين، وهما سحر المحبة وهو أن يقوم بعملية السحر كي يحبه شخص ما أو فئة ما، وسحر الإضرار وهو أن يقوم شخص بعملية السحر للتفريق بين المرء وزوجته أو قتل النفس، وكما أن هناك الفرق الواضح بين المعجزة والكرامة والسحر، فقد كان السحر سائدا في المجتمعات البشرية حتى ظن بعضهم أنه عبادة أو عادة لا يمكن الإنسان العيش دونه، لذا كلما جاءتهم الرسل والأنبياء.
بالمعجزات والآيات، إتهموهم بالسحر فيبرأهم الله مما قالوا فيهم من سحر الأقوال والأفعال، حيث قال الله تعالى في سورة الذاريات " وكذلك ما أتي الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون " والمعجزة هي أمر خارق للعادة يعطيها الله للرسل والأنبياء، وأما عن الكرامة فهي أمر خارق للعادة يعطيها الله للصالحين، وأما عن السحر فهو علم خارق للعادة يكون عند المفسدين، ولكن هل هناك علامات يعرف بها المسحور، وظواهر دالة على أنه قد سُحر؟ وهو أنه ذكر بعض الرقاة علامات مؤكدة يعرف بها من أصابه سحر ومنها هو كثرة الصدود عن ذكر الله تعالى وكرهه سماع القرآن، وكثرة تعرضه لأحلام مفزعة وكوابيس، والصداع الشديد المستمر، وكثرة وقوع الشجار لأمور غير ذات بال بين الزوجين، أو غيرهما، والغضب المفرط المتكرر، من غير مسوّغ ظاهر.
وكثرة الشرود والذهول، والنسيان الشديد، وتخيّل حصول شيء، والحال أنه لم يحصل، وشخوص البصر أي جموده، أو زوغه، وتغير في لون البشرة وميلها إلى السواد وغيرها من العلامات، ولكن ما هو حكم من تعلم السحر، وما عقوبته في الإسلام؟ وهو أن تعلم السحر كفر وخروج عن الملة، حيث قال الله تعالى في الملكين كما جاء في سورة البقرة " وما يعلمان من أحد حتي يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر " فبيّن الله تعالي أن متعلم السحر بمجرد تعلمه يكفر سواء عمل به وعلمه أو لا، فالملكان عرفا أن السحر من الكفر، وأن من تعلمه خرج الإيمان من قلبه، وأن النبي المصفي صلى الله عليه وسلم قال " من أتي عرافا أو كاهنا فقد كفر بما أنزل علي محمد " وقد إتفق العلماء أن الساحر الذي ثبت سحره وضرره للناس يُقتل حدا، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب.
وعثمان بن عفان، وابن عمر، والسيدة حفصة، وجندب بن عبدالله، وجندب بن كعب، وقيس بن سعد، وعمر بن عبدالعزيز رضي الله عنهم أجمعين، وكما هو قول الإمام أبي حنيفة، والإمام مالك رحمهم الله، ولكن كيف تحمي نفسك من السحر والسحرة؟ وهو أن التوقي والحذر من السحر أمر مطلوب للمسلم، فقد يتسلط السحر والسحرة على الأرواح القوية كما يتسلط على الأرواح الضعيفة، وقد رأينا أن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم وهو من كمل إيمانه وتمت عقيدته قد تعرض للسحر لبيان عظيم ضرر السحر وأثره القوي على المؤمنين، لذا يجب التأسي بالهدي النبوي في الوقاية من السحر، وأول ذلك هو إلتزام الأذكار اليومية كأذكار الصباح والمساء، فما رؤي مثل الذكر طاردا للشيطان وأعوانه، ومنه الإسترقاء بالمعوذتين وأنهما أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر،
حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تعوذ متعوذ بمثلها قط " ومن أعظم الرقى آيات القرآن الكريم والتعوذ بها، فقد وردت العديد من الفضائل في بعض السور في أنها واقية من السحر وأمراض المس ومنها الفاتحة، ومن فضلها العظيم أنها رقية مشروعة، فقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا من الصحابة رضي الله عنهم، رقوا بها مجتهدين في كونها رقية، وقيل كان سيد حيّ من أحياء العرب، كان قد لدغ، فشفي، فقال صلى الله عليه وسلم للراقي، وهو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه " وما يدريك أنها رقية " ومنها تلاوة آية الكرسي، وتلاوة خواتيم سورة البقرة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأها في ليلة كفتاه " وأيضا تلاوة سورة البقرة في المنزل فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة "
إضافة تعليق جديد