بقلم/السعودي محمد
بعد الحمد لله والصلاة والصلاة علي سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه باحسان الي يوم الدين،
قال تعالي:"{ يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
وقال ايضاً عز من قائل بعد الآية التي تليها :"
أولا: الدعاء بأن يبلغنا الله واياكم الشهر المبارك.
قال تعالي: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}
فندعو الله أن يبلغنا هذا الشهر الكريم كما كان السلف يفعلون ذلك فقد كانوا يدعون الله ستة أشهر قبل رمضان أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر بعد رمضان أن يتقبل منهم رمضان،
وكان يحيى بن أبي كثير يقول: " اللهم سلِّمنا إلى رمضان، وسلمِّ لنا رمضان، وتسلمه منا متقبلا" .
لذلك يسنُّ إذا بلغت رمضان ورأيت الهلال تقول كما كان النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:” اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ" [السلسلة الصحيحة-الألباني]
ويدعو بأن يُوفق المرء فيه للطاعة, ويُبارك له في الوقت, ويُؤخذ بيده لكل بر،
فالأمور كلها بيد الله, والتوفيق من عنده, والتأييد من لدنه, فاطرق باب الكريم قبل
دخول الشهر وبعد دخوله وفي كل ساعة وعند كل لحظة، انطرح بين يديه, واسأله سؤال
الصادقين, أن يجعلك في عِداد الموفقين, وأن يسلك بك طريق المؤيدين
.. والفرح برمضان يكون بالطاعة والعبادة والقرآن:{ قُلْ
بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا
يَجْمَعُونَ} ( يونس: 58)
وقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان،
ويفرحون بقدومه، وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات، وتنزل الرحمات.
وقد صور رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هذه الفرحة بقوله
” لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ
فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ” ( متفق عليه )
__وتخيل ضيف عزيز عليك لم تره منذ سنة وجاء إليك فماذا أنت فاعل له؟!! فأين الترحيب
بالعمل الصالح؟!!!
فهذا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يستعد لرمضان فأنار المساجد بالقناديل، فكان أول
من أدخل إنارة المساجد، وأول من جمع الناس على صلاة التراويح في رمضان، فأنارها
بالأنوار وبتلاوة القرآن، حتى دعا له الإمام علي -رضي الله عنه –بسبب ذلك. فعن أبى
إسحاق الهمداني قال : خرج على بن أبى طالب في أول ليلة من رمضان والقناديل تزهر
وكتاب الله يتلى في المساجد، فقال:” نور الله لك يا ابن الخطاب في قبرك كما نورت
مساجد الله بالقرآن”.
ثالثا: التخلية قبل التحلية.
فالقلوب مملوءة بالسواد والظلمة طوال العام من أثر الذنوب والمعاصي، سب وشتم وغيبة
ونميمة ونظر إلى حرام وشرب محرم وغل وحقد وحسد ونفاق وشقاق وسوء أخلاق وأكل حرام
وفعل المنكرات…..إلخ وكل ذلك سبب في سواد القلب،
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ:”إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ
سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ
عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ
اللَّهُ:{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }(الترمذي)
أخيراً :فضل السحور في رمضان
ليس هناك وصفٌ يصدق على شهرٍ من الشهور كمدح شهر رمضان بوصف البركة؛ فإن هذه الصفة تنطبق عليه من كلِّ وجه. وإذا كانت البركة في حقيقتها: الزيادة والنماء، فرمضان -وفق ذلك- بركةٌ في الأوقات، بركةٌ في الأعمال، بركةٌ في الأجور، وأحد أوجه هذه البركة ما تفضّل الله سبحانه وتعالى به من نعمة السحور.
يتمثّل أمام ناظرينا حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (تسحّروا؛ فإن في السحور بركة) متفق عليه، فهذا الحديث إشارةٌ واضحةٌ إلى ما تمتّعتْ به أكلةُ السحور من البركات والفضائل، سواءٌ ما تعلّق بأمور الدنيا، أو توجّه إلى شؤون الآخرة.
إن أوّل بركات هذه العبادة أن المسلم يقوم بها اتباعاً للسنّة واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان مداوماً عليها، وهذا ما تُشير إليه الأحاديث فقد جاء عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: "تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة" فقيل له: كم كان بين الأذان والسحور؟ فقال: "قدر خمسين آية" رواه البخاري.
أختم وأقول بأنه يجب أن ندعوا الله لنا ولجميع المسلمين ان يشفي مرضانا من كل وباء وبلاء، وان يرحم موتانا وان يهلُّهُ علينا بالخير واليمن والبركات، وصلي الله وسلم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.
إضافة تعليق جديد