رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 9 مايو 2025 11:28 ص توقيت القاهرة

فريدة حسب النبي تكتب : أنا والفأر .. وسيد القصر

دون سابق استئذان ، في الساعات الأولى من الليل فاجأني بزيارته ، التزمت الصمت وقتها خوفاً من ملامحه ، و رعباً مما يحمله، تبلد تفكيري وشلت حركتي، ولم أفعل شيئا سوى أني رضيت بمجيئه مجبرة على ذلك ، الحكاية وما فيها " في بيتي فأر صغير" .

حقيقة وليست مزحة ، فالفئران أصبحت موجودة فى كل مكان وفى جميع المناطق ، المهم، ظننته يدخل ليأكل بقايا الطعام من سلة المهملات أو يعربد فى المطبخ ويخرج مرة أخرى ، ولكن المفاجأة ، أنه مكث في البيت وفرض نفسه على المكان، وأصبح أشبه بـ "الضيف الرزل" .

في يوم كنت أتابع مع أولادي دروسهم المدرسية ، وأخطأ ابني في إجابة سؤال فانفعلت عليه وإذ به ينصحني بالهدوء ، لأن الفأر نائم الآن وربما يستيقظ ويحدث مالا يحمد عقباه ، وكانت المفاجاة الأكبر، حيث خرج الفأر وقال : لست نائما ولم أنام منذ أن دخلت شقتكم ، فكيف أنام وأنا جائع .

قلت له إذهب إلى شقة أخرى ، فربما تجد فيها ما يطيب لك من الطعام ، قال : للأسف مررت على كل الشقق ووجدتكم أحسن حالاً من غيركم ،الفأر قال ذلك الكلام وعيناه مليئة بالدمع من ذل الشكوى ، ثم تساءل : لماذا لم يعد عندكم ولا عند غيركم لحم وسمك؟ وأين الجبن الرومى اللذيذ واللانشون الجميل؟ ، التلاجة لم يعد فيها سوى الماء ، ويبدو أنكم وطنيون جدا ، وتنوون أن تعيشوا 10 سنوات على هذا الوضع، مثلما فعل أبوكم الذى فى القصر .

قلت له إعذرنى أيها الفأر ، كان بودى أن يكون عندنا ما تبحث عنه ، ولكن ما باليد حيلة ، لأن "مفيش" ، ويؤسفنى أن تتحول صورتنا فى مخيلتك لنكون بخلاء وغير كرماء معك ، لكن صدقنى فأنا لم أتعمد تجويعك ، وأعدك إن الشقة "تكبر وتكبر وتبقى أد الدنيا" ، ويومها ستجد عندنا كل شىء. 
"لا لا سيدتى الفاضلة .. لاتقولى ذلك" ، هكذا قال الفأر ، واستطرد قائلا : انتم أحسن ناس وأفضل ناس وأغنى ناس فى هذه الدنيا ، قلت له : شكراً جزيلًا على هذه المجالة الرقيقة ، غضب الفأر وضرخ : "سيدتى ليست مجاملة وإنما حقيقة، فأنتم الوحيدون الذين لم يفكرون فى قتلى ، لم يضع أحد منكم السم لى فى الخبز أو حبات القمح كما يفعل الجميع، يكفيكم فخراً فى هذه الحياة ، أنكم تشعرون بقيمة حياة فأر وتتخوفون من إذهاق روحه ، وفى كل مكان يقتل غيركم البشر ويقتلون على أيديهم ، وكأنهم مجرد فئران .

قلت له ماذا تقصد وهل تقصد القتلى فى العراق وسوريا وليبيا ؟ ، هز الفأر رأسه ، وقال : سيدتى الفاضلة ، من يقتل وفى يده سلاحه ليس ضعيفاً ، هكذا تعلمنا فى مملكة الفئران ، وإنما الضعيف هو من يتم قتله وهو أعزل ، وفى لحظة احتمائه بالأخرين ، قلت : "ويحك يا أم أحمد غلبتى الجميع وغلبك فأر".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.