كتب :د فهد جاهين
غسل الأموال Money laundering
وأحياناً يُطلق عليه مسمى تبييض الأموال
هو عملية تحويل كميّات كبيرة من الأموال التي تمَّ الحصول عليها بطُرقٍ غير قانونيّة إلى أموالٍ نظيفة وقابلة للتّداول في النشاطات العاديه
وهو هي طريقةٌ ملتوية لإخفاءِ وتغطية المصادر غير المشروعة التي تمُّ من خلالها كسب تلك الأموال؛ من خلال استخدام وسائلَ استثمارٍ مشروعة، ومن ثم تُستثمرُ أرباحها في نشاطاتٍ مشروعةٍ وقانونيّة.
يُعتبرُ غسل الأموال من الجرائم غير القانونيه بسبب تأثيرها السلبيّ الكبير على الاقتصاد ؛ حيثُ تتيحُ هذه الجريمة للمُجرميّن إمكانيّة التصرّف بالأموالِ المغسولة وتوظيفها في مجموعةٍ من النّشاطات العامّة عن طريق إخفاء مصادرها غير المشروعة، كما تُساعدهم في التوسع في أعمالهم غير القانونية وكسب المزيد مِنْ هذه الأموال.
توجدُ مجموعة من الأدوات التي يستخدمها مجرمو غسل الأموال، والتي تتنوعُ بين الطّرق البسيطة والتقليديّة إلى استخدام الوسائل التكنولوجيّة التي تُساعدهم في عمليّة غسيل الأموال.
ومِنْ أشهر صور وأدوات غسل الأموال ما يأتي:
التّجارة غير المشروعة:
والتي تَستخدمُ كافّة القنوات التجاريّة من أجل تسهيل عملية غسل الأموال، وتشملُ هذه التّجارة الأعمال غير المشروعة كالمخدرات، والأسلحة غير المُرخّصة، والأدوية غير المُطابقة للمواصفات، وغيرها.
الاستعانة بالمُؤسّسات المالية المشبوهه :
وهي مؤسسات تساهم في تسهيل عمليات غسيل الأموال عن طريق توفير غطاء قانوني ضمن الأعمال والنّشاطات الماليّة التي تقوم بها، وهكذا تساهم في تحويل الأموال غير القانونيّة إلى أموالٍ مغسوله بدون شبهات .
الاستثمار العقاريّ:
هو الذي يعتمدُ على استخدامِ رؤوس أموال غير مشروعة في مجموعة من المشروعات الاستثمارية العقاريّة، والتي تقوم بشراءِ العقارات ومن ثمّ تأجيرها للأفرادِ والمُؤسّسات، وهكذا يتمُّ استبدالُ الأموال غير القانونيّة بأموالٍ قانونيّة.
القروض:
والتي تُعدُّ من أكثر الوسائل المُستخدَمة في غسيل الأموال؛ إذ يتمُّ اعتمادُ القروض المُرتبطةِ بقيمة فائدة، وينتجُ عن ذلك تقديمُ المال غير القانونيّ كمبالغٍ للقروض، ومن ثم تحصيلُ العوائد من قيمتها بعد مرور فترةٍ زمنيّة معينة .
تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات :
من الوسائل الحديثة في غسيل الأموال، والتي تعتمدُ على تحويل الأموال غير القانونيّة إلى أيّ استثمارات مالية أُخرى كالأسهم، والسندات، من خلال الاستعانةِ بالمواقعِ الإلكترونيّة التي تعملُ كوسيطٍ ماليّ، ممّا يُسهّلُ من عمليّة استثمار الأموال غير المغسولة.
مراحل غسيل الأموال
تتم عمليات غسل الأموال على عدة مراحل، وهي:
الإيداع:
هي المرحلةُ الأولى من مراحل غسل الأموال، والذي يعتمدُ من خلالها مُجرمو غسل الأموال في التخلّص من أموالهم عن طريق تحويلها لودائعَ مصرفية في البنوك والمُؤسّسات الماليّة الاستثماريّة، ممّا يُساهمُ في استبدالها بأموالٍ نظيفة وقانونيّة.
التّجميع:
هو الأسلوبُ الذي يعتمدُ عليه مجرمو غسل الأموال في جمعها ضمن مجموعةٍ من المشروعات والاستثمارات الماليّة التي تضمنُ لهم تغطيةً كافية للعمليّات غير القانونيّة التي يقومون بها؛ إذ يُساعدُ التّجميع في توفيرِ التّمويه لعمليّات غسيل الأموال.
الدّمج:
المرحلةُ الأخيرة من مراحل غسيل الأموال، ومن خلالِهِا يتمُّ خلطُ الأموال غير الشرعيّة مع الأموال الشرعيّة، وهكذا تختلطُ الأموال معاً، ويصعبُ التعرّف عليها.
النّتائج السلبيّة لغسيل الأموال
ينتجُ عن غسيل الأموال مجموعةٌ من الآثار السلبية التي تُؤثّر على المجتمع والاقتصاد عموماً ، وهي:
النّتائج الاقتصاديّة:
أهمها تراجعِ استخدام رؤوس الأموال الوطنيه السّليمة واستبدالها بأموالٍ غير قانونيّة يسعى بعض المجرمون في نشرها ضمن السّوق الاقتصاديّ، ممّا يُؤدّي إلى تراجع التّنمية الاقتصاديّة والاستثمارات الماليّة، الأمر الذي يُؤثّر سلباً على قيمة العملة الوطنية مقارنةً بالعُملات الأجنبيّة.
النّتائج السياسيّة:
تهديدِ الاستقرارِ السياسيّ للدولة بسبب استخدامِ الأموال المغسولة في تمويل عمليّاتٍ غير قانونيّة وإجراميّة وارهابيه قد تُؤدّي إلى انتشارِ تهديدٍ أمنيّ وقوميّ للدولةٍ ما، كما قد ينتشرُ الفساد السياسيّ من خلال الاستعانةِ بغسيل الأموال في إفساد القطاعات الاقتصادية والقطاع الحكوميّ في الدولة.
النّتائج الاجتماعيّة:
تُؤثّرُ على البيئة المُجتمعيّة كاملةً؛ إذ يسعى مُجرمو غسل الأموال إلى نشرِ كافّة أنواع التّجارة التي تقدّم أفضل مُساعدةٍ لهم من أجل غسل أموالهم بسهولة، فيحرصون على نشرِ المُخدّرات بين فئة الشّباب بصفتها من إحدى الوسائل التي تُساعدُ على زيادةِ الأموال المغسولة، وينتجُ عن ذلك تدميرٌ كبيرٌ في البُنية الأساسيّة للمجتمع.
مُكافحة غسيل الأموال
تسعى الكثيرُ مِنْ دُولِ العالمِ إلى مُكافحةِ غسل الأموال بكُلّ الطُرقِ والوسائل المُتاحةِ والمُمكنة؛ لذلك قامتْ أغلب الدّول بإنشاءِ وحداتٍ جنائيّةٍ مُتخصّصة بذلك، وصدرتْ قوانين خاصّة بعقوباتِ جريمة غسيل الأموال، ويطلقُ عليه في مصر قانون مُكافحة غسل الأموال، والذي يعتمدُ على مُتابعةِ هذه الجريمة عن طريق فرضِ رقابةٍ على الأموال المنقولة بهدفِ تصديرها ، أو إيداعها واستثمارها ، أو التّلاعب في قيمتها ، أو تحويلها إلى صورٍ وأشكالٍ أُخرى، أو مُتابعة أيّ عمليّةٍ أُخرى يترتّبُ من ورائها إخفاء المصدر الذي تمّ اكتساب تلك الأموال منه، وتعتبرُ كل عمليّةٍ من هذه العمليّات، سواءً تمّ تطبيقها بشكلٍ فرديّ أو جماعيّ، صورةً من صور غسل الأموال، والتي تُصنّفُ كجريمةٍ يُعاقبُ عليها القانون
إضافة تعليق جديد