بقلم د/سماح عزازي
يا منْ سكبتَ النورَ في وجعي فـانسكبُ
وأيقظتَ في القلبِ أحلامًا لها السَّبَبُ
أتيتَ مثلَ سحابةٍ في صيفِ مُحترقٍ
فسالَ في الروحِ بعدَ اليأسِ ما عَذُبُ
قد كنتُ قبلكَ صحراءً بلا أملٍ
حتى غدوتَ مطيرَ الودِّ والسُّحُبُ
ما كنتُ أؤمنُ أنَّ الحُبَّ يُنشِرُني
حتى وجدتُكَ، فانجابَ الدجى العَجُبُ
أنتَ البدايةُ، لا شيءٌ يُقاسُ بها
وأنتَ حلمٌ على أبوابِهِ النُّجُبُ
فدعني أُبحرُ في عينيكَ عاشقةً
ففيهما البحرُ والأمواجُ والكُثُبُ
وكأنك سقيتَ روحي بماءِ الحُبُّ
فاهتزَّ قلبي مُتيَّمًا بكَ يا حُبُّ
أشرقتَ في عمري كنورٍ على أملٍ
فأينعَ الحقلُ بعدما مسَّهُ الجَذبُ
يا من أتيتَ كطيفِ الحلمِ مُبتسمًا
فأورقَ العمرُ فيكَ، واندثرَ الكَربُ
علَّمتَني أنَّ عشقَ الروحِ مملكةٌ
لا يدخُلُ القلبَ فيها غيرُ مَن يَحبُ
أهديتَني من عبيرِ الوصلِ أغنيةً
تُذيبُ في الصدرِ ما قد جمَّدَ الغَضبُ
كنتَ الأمانَ، وفي عينيكَ أغنيتي
يا نجمةً لا يطولُ النجمَ مُقتربُ
أغارُ من كلِّ نسمةٍ مرَّتْ تُداعبُكَ
ومن صباحٍ أتى يُهديكَ ما يَهبُ
إن غبتَ عنّي، فعمري كلهُ شَجنٌ
وإن أتيتَ، غدا في ثغرِنا الطَّربُ
أشتاقُكَ الشوقَ إذ يذوي به الأملُ
ويُصبحُ القلبُ في محرابِهِ يَطِبُ
أراكَ في الزهرِ، في الأمطارِ، في قمرٍ
يغفو على كتفِ الليلِ الذي عَذُبُ
وكمْ سكبتَ على أيامي ملامحَها
حتى غدوتُ أرى الدنيا لكَ تَصبُ
أنتَ الوطنُ الذي ألقى به سفني
وأنتَ شاطئُ قلبي، أنتَ والمَحبُ
يا مالكًا في ضلوعي كلَّ مملَكتي
لكَ الهوى والمنى، والعُمرُ والكَتَبُ
ما كنتُ أظنُّ بأنَّ الحُبَّ معجزةٌ
حتى وجدتُكَ، فانجابَ الأسى وَعُبُ
أغفو على صوتِك الدافئْ كأغنيةٍ
تُذيبُ في الصدرِ أوجاعًا وتَنسَحبُ
أهفو إليكَ، كما تهفو السنابلُ في
حضنِ الرياحِ، إذا استأنستْ بها السُّحبُ
إن قلتُ أحبُّكَ، فالحرفُ ارتجفَ طربًا
وإن صَمَتُّ، فصمتي في هواكَ نَدُبُ
أحيا بذكركَ، إن طالَ الغيابُ بنا
كأنَّ قربَك روحي، والبُعدُ مُنتَحَبُ
سأكتُبُ اسمَك في قلبي بلا وجلٍ
حتى وإن طَمَسَ الزمانُ الذي كَتبُ
أنتَ البدايةُ، لا تُمحى من الذاكرةِ
وأنتَ آخرُ حرفٍ قبلَ أن أذهَبُ
لو كانَ للعشقِ عمرٌ، كنتَ مَولدهُ
ولو لهُ موتٌ، كانَ الموتُ يَقتربُ
فابقَ كما أنتَ في قلبي مُقدَّسَةً
ذكراكَ، لا يَمسَحُ الأيامَ مُغتَربُ
وكنْ لأحلامي المأوى الذي سكَنَتْ
بهِ الخيالاتُ، وانسابَتْ بهِ الطُّيُبُ
أنا التي ما عرفتُ الحُبَّ قبلَكَ، لا
أرضى بغيرِكَ روحًا، يا هوى عَذُبُ
ستبقى قصيدتي الأبديةَ في كَتَبي
وتبقى أنتَ للآهاتِ ما تَطلُبُ
يا من زرعتَ الفؤادَ الحبَّ في زمنٍ
قلَّ الذي يزرعُ الأشواقَ ويَثبُ
إنّي وجدتُكَ عمرًا لا فِراقَ لهُ
فكنْ حياتي، وكنْ للعُمرِ مُنتَسِبُ
مهما ابتعدتَ، فقلبي نحوَكَ اندفعُ
كما اندفاعِ نُجومٍ في السَّماء شُهُبُ
ستبقى في الروحِ ذكرى لا تُغيّرُها
ليالِ هجرٍ ولا أقدارُها الصَّعُبُ
إنّي وهبتُكَ ما في العمرِ من فرحٍ
وجئتَ تمحو بأحلامي الأسى الكَربُ
فابقَ الحنينَ، ولا تُطفئْ مشاعلَهُ
فأنتَ دفءُ الذي في بردهِ يَثبُ
وإن كتبتُكَ، فالدفترُ لا يسعُني
أنتَ القصيدُ، وأنتَ الحرفُ والكُتُبُ
يا منْ زرعتَ بصدري الحبَّ من زمنٍ
ستبقى للعُمرِ أنتَ الأملَ والقُربُ
إضافة تعليق جديد