رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 6:24 ص توقيت القاهرة

نـهـيـرة

 
قصة قصيرة : بقلم د.محمد عبد العزيز
كاتب وباحث اقتصادي ومتخصص في الشئون الأفريقية

هي نهيرة أجمل فتاة في القرية الفقيرة ليس فحسب بل ومن العائلة الوحيدة المقتدرة ماليا في قرية "أبو المظاليم" في صعيد مصر ، نهيرة شديدة الجمال لكن والدها الحاج الضو يريدها أن تتزوج من أبن عمها أبواليزيد الشهير بالهلالي حتى يضمن ذهاب أرضه لاحفاده من أبن أخيه ، أبو العز وقع في فتنة نهيرة لم يكن أبو العز فقيرا ولم يكن غنيا لكنه كان ذو قلب على الفطرة لا يعلم الخبث والغدر واللؤم كان راضيا بكل قضاء الله حامدا لله شاكرا دائما ، لقد أحب أبو العز نهيرة لكن هذا الحب كان فتنة فقسوة نهيرة الظاهرة خشية أبيها وابن عمها كانت تنبيء بقلب مكلوم مظلوم وعداوة الحاج الضو وأبن عمها لأبو العز طالت وفاقت كل حد حتى لم يجدوا بداً من الاستعانة بثالث للقضاء على أي فكرة لارتباط نهيرة بأبو العز فكان غدر أعز أصدقاء أبو العز له إرضاءاً للحاج الضو وأبن أخيه بل ووصل الأمر إلى السعي في حث أبو العز للزواج من أي فتاة أخرى من بنات القرية لكن لا يجب على أبو العز الزواج من نهيرة إشتدت الأزمات حتى تمت أهانت أبو العز من نهيرة نفسها وكل أهلها وكل من تصدى لأمر حب أبو العز لها ورغبته في الزواج منها ، كان رفض الحاج الضو رفضا فيه تحدي وعناد وكبر وتم رفض النسب بصورة فيها عداوة ، انطفيء نور الفؤاد وذبل عود أبو العز واعتزل الدنيا فكيف يواجه الناس الحب بالعداء وكيف أن محبوبته تشارك بنفسها في هذا الهراء لكي تبعده عنها وأصبح لزاما عليه أن يبتعد عنها بعد كل تلك الإهانات والحل الوحيد للرجوع إلى محبوبته في اعتذارها وأهلها له وهو أمر محال بطبيعة عقليات تأصل فيها العناد والاستعلاء والرفض للدين والأصول ، أغلق أبو العز عليه باب داره لكنه لم يسلم من مكر صديقه السابق ولا من ألاعيب الحاج الضو ولا من تتبع نهيرة لاخباره من بعيد ولا من النخوة الكاذبة لابن عمها  الهلالي وهو مجرد طامع في ما لدى ابنة عمه ليس أكثر ولا يعرف قدرها ولا يحبها ذرة واحدة من حب أبو العز لها ، كان يتسائل أبو العز دوما ماذا يفعل ؟ ، هل يطرق باب يجدد له الإهانة هل يترك حبه بهذه السهولة ولماذا تسأل عن أخباره نهيرة من بعيد ولماذا يريد صديقه السابق بالتعاون مع الحاج الضو وابن عم نهيرة أن يزوجوه من أي فتاة أخرى لماذا الكل يتتبع أخبار من أقفل عليه باب داره زاهدا في طريق الشر وان لم يزهد في حب يسبب الآلام ليل نهار ، الحب بنية خالصة في الزواج ليس محرما لكنه في عرف أصحاب المال وفي عرف أصحاب النفوذ والاستعلاء محرما ، لقد كره أبو العز المال وتمنى لو أن نهيرة فقيرة لكنها تزوجت من أبن عمها رغما عنها ، فدعا أبو العز ربه ليل نهار أن يرد له حشايا قلبه المكلوم ويتزوج من نهيرة بعد أن يعلم الجميع أنه لم يكن طالب مال وأن الغريب قد يكون أقرب من أقرب قريب وأن الغريب قد يكون أصدق من أصدق صديق ، فاستجاب له الله فمرض الحاج الضو مرضا شديدا وبدأ الهلالي يظهر على حقيقته بعد الزواج وبدأ يستغل مرض عمه ليسهر كل ليلة وبدأت تتراكم عليه الديون وبدأ يبيع الأرض التي أراد الحاج الضو أن يتركها لاحفاده من أبن أخيه فها هي الأرض والمال يذهبوا على أيدي إبن أخيه ، إنهارت نهيرة بعد أن علمت أن أبن عمها وزوجها متزوج في السر من أحد بنات الغجر الذين يترددوا على القرية وأنه يبيع أرضها وأرض أبيها بما معه من توكيلات وأوراق رسمية فسارعت لصديق العائلة وهو الصديق السابق لأبو العز لتخبره أن يقف أمام أبن عمها وزوجها وأن يذهب إلى أقرب محامي في المركز لكي يتم عمل إلغاء للتوكيلات فيواجهها أبن عمها وزوجها بأنه قد عرف من هذا الصديق المزيف كل شيء وأن من يبيع صديقه سابقا سيبيع أي إنسان من أجل المصلحة وأن المصلحة الآن أصبحت مع الهلالي وينهال عليها ضربا ويطلقها ويطردها هي وأبيها 'عمه' من الدار بعد أن باع كل شيء ليسدد ديونه فلم تجد نهيرة بعد أن اضطرتها الظروف لخسارة كل شيء وخسارة كل من حولها إلا أن تذهب لحبيب صادق في حبه لحبيب أغلق عليه باب داره قاصرا عن كل الشرور ذهبت إليه وهى تخشى أن يردها وأبيها المريض قالت له "أنا أسفة" لما بدر مني في حقك سابقا ، فابتسم وقاطعها قائلا لها الدار دارك ورحب بها وبأبيها فاستغربت من أمره ومن هذا الترحاب فقال لها إذا قوبل الحب بالحب والوفاء بالوفاء والود بالود والصدق بالصدق والأمانة بالأمانة فأين يكون الابتلاء ؟! ، وقبل أبو العز يد الحاج الضو وطلب الزواج من نهيرة فبكى الحاج الضو وزوجه من نهيرة وأنجب منها أبو العز ثلاثة أبناء وبنتان واستطاع أن يعيد لنهيرة أكثر من نصف الأرض التي كان قد باعها ابن عمها ومنذ ذلك الحين لم يشاهد الهلالي هو وصديق أبو العز سابقا إلا وهم يتسولوا من الجميع في ملابس رثه  ، فسبحان من بيده الرزق ويعطي ويمنع ومن يغير الأمور والأحوال لعبد فقير أغلق عليه داره قاصرا عن الشر فظل أهل الشر يتتبعوا أمره ويحيكوا له الشر فوقعوا جميعا في شر أعمالهم وأنتصر الحب النقي الطاهر وأنتصرت القلوب الطاهرة العامرة بالإيمان بالله المتوكلة عليه ، فلا يحيق المكر السيء إلا بأهله وإن انتصروا  بمكرهم بعض الوقت ففي النهاية لابد وأن يزول زمانهم ومكرهم وينتصر النقاء والعدل على الظلم ويظل الظلم ظلمات يوم القيامه تحيط بالظالم في أشد الأوقات التي يحتاج فيها لبصيص نور لكنه ترك نور آيات الله التي تدعوه للعدل والإحسان والحسنى والتواضع فما كان منه إلا الاستعلاء والظلم في الدنيا فكان عقابه أن يتخبط في ظلمات العمى في الآخرة ، لقد كتب الله للحاج الضو أن يتطهر بمرضه في الدنيا وبقي الإثم والعدوان على أكتاف الهلالي وصديق أبو العز سابقا .

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
12 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.