رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 9 يوليو 2025 3:55 م توقيت القاهرة

هزيمة المغول في موقعة مرج الصفر

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن دولة المماليك في مصر، وقيل أنه في موقعة مرج الصفر التي دارت قرب دمشق في سنة سبعمائة واثنين من الهجرة، حلت الهزيمة قاسية بالمغول، الأمر الذي جعل الناس يفرحون بالناصر محمد بن قلاوون رغم صغر سنه ويستقبلونه إستقبالا حارا في دمشق والقاهرة، رغم ذلك بقيت سلطنة الناصر محمد الثانية اسمية، إذ كان ما يزال فتى في الرابعة عشرة من عمره، وتحكم به الأميران سلار وبيبرس الجاشنكير وضيقا الخناق عليه، فحاول بدوره أن يتخلص منهما لكنهما أدركا مخططه وحاولا القضاء عليه لولا أن وقف الشعب في صفه وناصره وتعاطف معه تعاطفا غريبا. 

ولما ضاق السلطان بحياته، وأدرك أنه لا فائدة من التغلب على سلار وبيبرس، تظاهر برغبته بالذهاب إلى مكة لأداء فريضة الحج، ولما وصل إلى الكرك إعتكف فيها وأعلن تخليه عن السلطنة، فإنتخب الأمراء بيبرس الجاشنكير بدلا منه، شاءت الظروف أن يأتي قيام بيبرس الجاشنكير مقرونا بإنخفاض النيل وإرتفاع الأسعار، مما جعل الناس يفسرون ذلك بسوء طالع السلطان الجديد، فصاروا يطوفون في شوارع القاهرة مطالبين إرجاع الناصر محمد، كما رفض الكثير من أمراء الشام الإعتراف بسلطنة بيبرس، وأعلنوا ولائهم لبيت قلاوون، وإستعدادهم نصرته كي يسترجع ملكه، وكان الناصر محمد قد بلغ أشده وصقلت خبراته السياسية، فوافق على إسترجاع العرش، وسار إلى القاهرة على رأس جيش كبير، بينما وجد بيبرس نفسه وحيدا بعد أن تخلى عنه أغلب الأُمراء. 

ورفض الشعب الإلتفاف حوله، فنزل عن العرش وهرب إلى أطفيح، ليدخل الناصر محمد القاهرة ويجلس على تخت الملك للمرة الثالثة، ولقد إستمر حكم الناصر محمد في تلك المرة الثالثة إحدى وثلاثين سنة، وهي مدة طويلة لم يدانيه فيها سلطان آخر من سلاطين المماليك، ويمثل عصره بالذات أعظم عصور التاريخ المملوكي، وأكثرها إزدهارا ورقيا وإستقرارا، ذلك أن نفوذ الناصر محمد إمتد من برقة غربا حتى الشام والحجاز وجنوب العراق شرقا، ومن النوبة جنوبا حتى الأناضول شمالا، وخطب وده سلاطين المغرب ودعوا له، حتى قيل أنه لم يل من أبناء الملوك قاطبة ملك مصر أعظم من الملك الناصر محمد وقد أرسل السلطان الناصر محمد حملتين إلى النوبة في سلطنته الثالثة، وذلك ما بين سنتي سبعمائة وخمسة عشر، وسبعمائة وستة عشر من الهجرة. 

ففتحها وأقام عليها أول ملك مسلم من أهلها هو عبد الله برشنبو، فأخذت تلك البلاد تفقد صفتها المسيحية تدريجيا منذ ذلك الوقت لتتخذ طابعا عربيا إسلاميا، أما في الداخل، فقد كان عهد الناصر محمد عهد رخاء وإستقرار، فأقام الناصر كثيرا من المنشآت مثل المساجد والقناطر والجسور والمستشفيات والمدارس، حتى بلغ مصروف العمارة في كل يوم من أيامه سبعة آلاف درهم فضة، وفي تلك الفترة زار الرحالة والجغرافي المغربي ابن بطوطة مصر، فأُعجب إعجابا شديدا بمظاهر الحضارة والعمران في القاهرة، وأشاد بسيرة الناصر محمد وفضله وازدهار حكمه، وتوفي الناصر محمد بن قلاوون سنة سبعمائة وواحد وأربعين من الهجرة، والواقع أن وفاته جاءت إيذانا بإنتهاء فترة الإستقرار والرخاء اللذين تمتعت بهما الدولة المملوكية في عهده.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
4 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.