بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الرحيم الرحمن، علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أنزل القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون، وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومن تبعهم بإحسان أما بعد إن من أمهات المؤمنين هي السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها وهي عائشة بنت أبي بكر الصديق وأمها أم رومان بنت عامر الكنانية، وكانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه وهي المبرأة من فوق سبع سماوات الصديقة بنت الصديق، ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها ولم ينزل الوحي عليه في لحاف امرأة سواها، وبسببها شرع التيمم ونزل القرآن ببراءتها وطهرها عندما رميت بالإفك آيات تتلى حتى قيام الساعة.
وكانت أعلم نساء النبي صلى الله عليه وسلم بل هي أعلم النساء على الإطلاق، وكان الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرجعون إلى قولها ويستفتونها، وكانت وفاتها سنة ثماني وخمسين من الهجرة وصلى عليها الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنهم أجمعين، وكان من مناقبها هو ما رواه الإمام البخاري أن عمرو بن العاص سأل النبي صلى الله عليه وسلم " أي الناس أحب إليك قال عائشة قلت من الرجال قال أبوها " وهذا الحديث فيه منقبة عظيمة لأم المؤمنين السيدة عائشة وهي أنها أحب الناس إلى قلبه، وكما قال الحافظ الذهبي " وهذا خبر ثابت على رغم أنوف الروافض وما كان عليه الصلاة والسلام ليحب إلا طيبا، فأحب أفضل رجل من أمته وأفضل امرأة من أمته، فمن أبغض حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حري أن يكون بغيضا إلى الله ورسوله.
وحبه عليه السلام لعائشة كان أمرا مستفيضا" وكما أن من مناقبها أن جبريل عليه السلام أرسل إليها سلامه مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا أرى تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم" وكما أن من مناقبها هو ما رواه الشيخان عن ابي موسى الأشعري قال " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثؤيد على سائر الطعام " وكما أن من مناقبها هو عدم قبول النبي صلى الله عليه وسلم الشكوى في حقها، فجاء في البخاري " كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، قالت عائشة فإجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن يا أم سلمة.
والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة، فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان، أو حيثما دار، قالت فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم، قالت فأعرض عني، فلما عاد إلي ذكرت له ذلك فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها " وكما أخرج الإمام مسلم في صحيحه " أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها فقالت يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في إبنة أبي قحافة، وأنا ساكتة، قالت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم
"أي بنية ألست تحبين ما أحب؟" فقالت بلى، قال " فأحبي هذه" قالت، فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلن لها ما نراك أغنيت عنا من شيء، فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمة والله لا أكلمه فيها أبدا، قالت عائشة فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أري امرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقى لله، وأصدق حديثا وأوصل للرحم، وأعظم صدقة وأشد إبتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى.
قالت فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، قالت ثم وقعت بي، فإستطالت علي وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها، قالت فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر، قالت فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليها، قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم "إنها ابنة أبي بكر " والعدل الذي كن يسألن عنه هو التسوية بينهن في المحبة القلبية.
إضافة تعليق جديد