رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 20 أبريل 2024 7:18 ص توقيت القاهرة

إختلاف وجهات النظر

بقلم: الشبخ عمر الفاكهاني 
مدير أكاديمية المنهاج للدراسات الإسلامية 

إن اختلاف وجهات النظر أمر حاصل بين البشر، كما أن النظر إلى الأمور لا يتساوى بينهم فكلٌّ منهم ينظر إلى الأمور بمنظاره الخاص، وهذا لا يعني أن كلّ نظر سديد وأن كل رأي صائب، فكم من حُكمٍ على شيء كان بخلاف الحكمة أو الصواب.
البعض يفكر أن فلانًا أغنى مني إذًا هو أقوى، وفلانة أجمل شكلًا إذن هي أكثر تأثيرًا ونجاحًا وقبولًا في المجتمع!!!
 وكم من رجل يظنّ أن بيتَه الصغير هو السبب في عدم قبول الناس له لأنهم لا يزورونه، أو أن البيت الواسع سبب السعادة والبهجة الدنيوية !!!

وأما إذا تحدّثت عن الوظيفة بإسهاب فربما يطول الشرح، فكثير من النّاس يدقق النظر بوظيفة من يقابله ليحكم عليه بناء على ذلك، فيظن بعض من ضعفت بصيرته أنّه كلّما كانت وظيفة الإنسان أعلى دنيويًا  كان هذا الإنسان أكثر قدرًا ومكانة ورفعة. 

وهناك معضلة نفسية أخرى حيث يتوهم البعص أن من كان أكثر شهرة أو له عدد متابعين يفوق المائة ألف مثلًا فهو الأكثر صوابًا. نعم هكذا يظن كثير من النّاس ويصعب أن تُقنعهم بغير ذلك. 
إن ما ذكرت آنفًا هو عبارة عن تفكير كثير من المجتمعات أي ملايين البشر فهذه هي الموازين التي يحدِّد بها الكثير قدرَ الناس من حولهم، فإذا رجَحت كفة غيرهم وطاشت كفّتهم حزنوا وتألموا. وأما إذا رجَحت كفّتهم اغترّوا وتكبَّروا على مَن يظنون أنهم أقلّ منهم.

إذًا فالميزان عند هذا النوع ميزان أعوج وأما الميزان الصحيح والتفكير الصائب والسديد هو أن نرجع بنظرتنا وحكمنا إلى الميزان الحقيقي وهو الذي جاء في القرآن الحكيم حيث قال ربنا جلّ وعزّ في سورة الحجرات: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.  هذا هو الميزان الحقيقي الذي ينبغي أن نرجع بأمورنا إليه. المعيار الصحيح هو التقوى وليس أكثركم مالًا أو أولادًا أو جاهًا أو متابعين، بل أتقاكم لله وأكثركم خشيةً له وطاعةً.

فإن نظرت في كفة الميزان الأولى ميزان التقوى لوجدت العدل والصلاح والاستقامة والنزاهة والحق والإنصاف والصدق والمراقبة للنفس والإقلاع عن كل ذميم. 
وأما الكفةُّ الأخرى فتجد فيها القبيح والشائن والشنيع والفاحش والفاسد من القول والفعل والاعتقاد.

يقول الله تعالى في محكم كتابه: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ". 
وسنّة نبينا مليئة بالدروس والعبر والإرشاد والنصائح بما يجعل طالب الحق والصواب بصيرُا بعيوب نفسه عالمًا بما يُصلحها فإن تعاليم النبي إن اتُّبعت حق الاتّباع رجّحت لك كفة الخير وأفرغت كفة الشر، وقد روى الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان يجتني سواكًا من الأراك، وكان دقيق الساقين، فجعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم منه، فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: مم تضحكون؟ قالوا: يا نبي الله من دقة ساقيه. فقال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لهما أثقل في الميزان من أُحُد". ها هو النبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن المقياس ليس بالشكل ولا باللون ولا بالجنس ولا بالغنى، فلما ضحك بعض الصحابة من دقّة ساق سيدنا عبد الله بن مسعود بيّن لهم النبي المقياس الصحيح.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.