رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 26 يونيو 2025 2:20 ص توقيت القاهرة

استعادة جثامين من غزة: ما الرسائل التي تحملها لإسرائيل وحماس؟

عبده الشربيني حمام 

أعلن الجيش الإسرائيلي، في إطار ما وصفه بـ"عملية دقيقة"، عن استعادة جثامين ثلاثة من مواطنيه من داخل قطاع غزة، هم الرهينتان عوفرا كيدار ويوناتان سامرانو، والجندي شاي ليفنسون. وبهذا، يرتفع عدد الجثامين التي استعادتها إسرائيل منذ بداية يونيو/حزيران إلى ثمانية، في تطور لافت يثير تساؤلات حول المشهد الميداني داخل القطاع، ومدى تماسك البنية التنظيمية لحركة حماس.
ورغم عدم إعلان الجيش الإسرائيلي عن تفاصيل المواقع التي نُفذت فيها العمليات، فإن تكرارها دون وقوع اشتباكات علنية أو خسائر بارزة يُفسّر من قبل محللين على أنه مؤشر لاختراق أمني في صفوف حماس أو خلل في منظومتها العسكرية. هذا ما يطرح علامات استفهام حول قدرة الحركة على حماية مواقعها الحساسة، وخاصة تلك المتعلقة بملف الأسرى.
لطالما اعتُبرت حماس من أكثر التنظيمات انضباطًا من حيث هيكلها الأمني والعسكري. إلا أن فقدان جثامين بهذا الشكل يُعيد طرح فرضيات حول تآكل السيطرة على الأرض، إما بفعل ضغوط عسكرية متواصلة، أو نتيجة خلل داخلي متنامٍ مع تراجع التنسيق بين أذرعها.
تأتي هذه التطورات بعد أيام من وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، ما أتاح للجيش الإسرائيلي إعادة تركيز جهوده نحو ملف الرهائن، وهو أحد أبرز ملفات الضغط الشعبي والسياسي داخليًا.
ويرى مراقبون أن الإعلان المتكرر عن نجاحات ميدانية كهذه يحمل رسائل مزدوجة: أولها موجه للرأي العام الإسرائيلي، بهدف تعزيز ثقة الجمهور بالحكومة، وثانيها موجّه إلى قيادة حماس، للتأكيد على أن ورقتها التفاوضية الأساسية باتت مهددة في ظل المتغيرات الميدانية.
في ظل استمرار التصعيد العسكري، تواجه حماس مأزقًا يتجاوز الضربات الجوية. فالدعم الإقليمي الذي كانت تحظى به من طهران يشهد تراجعًا ملحوظًا، في وقت تُعيد فيه إيران ترتيب أولوياتها بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل. في المقابل، يتصاعد الضغط الداخلي في غزة، وسط ظروف إنسانية متدهورة ومطالبات متزايدة من عائلات الأسرى الفلسطينيين بإعادة تقييم خيارات الحركة.
ويشير مراقبون إلى أن إعلان إسرائيل عن أن 31 من الرهائن لقوا حتفهم داخل غزة يضع حماس أمام استحقاق حرج، ويقلل من قيمة ورقة الأسرى التي لطالما استخدمتها في التفاوض.
ورغم أن الحديث عن تحوّل جذري في موقع حماس ما زال سابقًا لأوانه، فإن المؤشرات الحالية تعكس تآكلًا في قدرتها على فرض شروطها. عمليات استعادة الجثامين دون صفقة، وتراجع السيطرة على بعض المناطق، والانكماش الإقليمي في الدعم، كلها مؤشرات على أن الحركة تمرّ بمرحلة دقيقة.
وفي ظل تعثّر المسارات التفاوضية، وتصلب الموقف الإسرائيلي، واستمرار الغارات، تواجه قيادة حماس معادلة صعبة: إما الانخراط في مفاوضات قد تفرض تنازلات ثقيلة، أو الاستمرار في المواجهة ضمن بيئة سياسية وشعبية بدأت تُبدي تململًا متزايدًا من خياراتها الحالية.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.