رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 25 أبريل 2024 2:36 م توقيت القاهرة

الاسراع فى توثيق الطلاق هل يلغى مبدأ اصلاح ذات البين؟

تحقيق- د.إيهاب طلعت:
يحسب كثير من الناس أن الطلاق سبب خراب البيوت وتفكك الأسر  وتشرد الأبناء.وهم في ذلك واهمون ..لأن الله تعالي لا يشرع لعباده إلا ما يصلح لهم وينفعهم في دنياهم وأخراهم ومن ثم جاءت تشريعات الإسلام علي وفق مصلحة البشرية في عاجل أمرها وآجله وإذا كان الأمر كذلك فما سبب هذه النسبة البالغة في كثرة حالات الطلاق والتي تأخذ شكلا ظاهرا من التفكك والتشرد
 مؤكدا ان الطلاق الذي يقع امام الماذون بحضور الطرفين يقع بائنا بينونة صغرى ويحتاج الزوج ان اراد مراجعة زوجته ان يعقد عليها من جديد ويدفع لها مهرا مع انه بالامكان الا يحتاج الى كل ذلك لو راجعها في العدة بمعنى ألا يقع الطلاق أمام المأذون على ما يعرف بالإبراء حتى تكون هناك فرصة للمراجعة دون عقد ولا مهر
 وفى أطار هذا الموضوع كان لنا التحقيق التالى :

فى البداية تقول الدكتورة فتحية الحنفى أستاذ الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات القاهرة جامعة الازهر:ان عقد الزواج في الشريعة الإسلامية عقد ابدى وهذا العقد كي يكون صالحا لابد أن تكون المودة بين الزوجين قائمة إذ العلاقة الشخصية بينهما هي الصلة التي تبقى الحياة الزوجية صالحة فيبقى بها ولذلك حرص المشرع الحكيم علي بقاء هذه المودة وحث علي حسن العشرة ، ودعا الي الرفق والتآلف.
 وشرع شرعة الحكمين عندما ينجم بينهما الخلاف قال تعالي" وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها أن يريد اصلاحا يوفق الله بينهما أن الله كان عليا حكيما "
 إذن عند حدوث خلاف بينهما لا نلجأ الي الطلاق مباشرة ولكن وجب التاني ونبدأ بأول خطوة إلا وهي الإصلاح بينهما لإزالة النزاع وإعادة المودة الي سابق صفوها قدر الامكان
 وللأسف في يومنا هذا نجد التسرع من الجانبين سواء من ناحية الزوج أو الزوجة وكان الحل الوحيد بينهما هو الطلاق دون نظر للآثار السلبية خاصة علي الأبناء
 إذن اول خطوة عند تنافر القلوب بين الزوجين هي الحكمين بنص الشرع أما إذا استحكم العداء والنفرة بينهما صار الطلاق ضرورة لابد منها ولكن من الذي يملك الطلاق ؟ مما لاشك فيه أن الزوجين أن ارتضيا الفراق وجب تنفيذه لأن كل عقد يتفق الطرفان فيه علي انهائه يجب أن ينتهي ولأنها لا يتفقان إلا حيث تعذر الحياة الزوجية ، ولم يجعل الإسلام الطلاق بيد القاضي إلا إذا كان بطلب المرأة
 وجعله بيد الزوج وقد احتاط للأمر لكيلا يقع تحت تأثير غضب جامح. فقيد الطلاق المشروع بطلاق السنة وهو أن يكون في أحوال وفترات زمنية متباعدة كي يكون هناك فرصة للرجوع
 ولم يهمل المشرع الحكيم أمر الزوجة بل إنها أن بغضت الزوج جعل الخلع بيدها ولكن لابد أن يسبق ذلك تحكيم الحكمين
 فمع تقرير الفقهاء أن الطلاق حق للرجل فإنه يحق له تفويض الزوجة في أن يكون الطلاق بيدها وذلك عند انشاء عقد الزواج
الفراق والتسريح
 وأضافت د. فتحية قائلة : الطلاق يقع من الزوج بكل لفظ يدل عليه صراحة كانت طالق وبعض الفقهاء قال يقع أيضا بالفراق والتسريح لنص القرآن الكريم وكما يقع الطلاق باللفظ يقع أيضا بالكتابة المستبينة وذلك بأن يكتب لها آلة بعنوان ويكتب فيها انت طالق موجها اليها ، وكذا إشارة الاخرس الدالة علي الطلاق التي لا تحتمل سواه .وما هو منتشر في يومنا هذا من جدل حول مسألة الطلاق اقول والله أعلي واعلم أن لفظ الطلاق اذا صدر من الزوج وهو أهلا له فإن هذا الطلاق يقع ووجب علي الزوج تأكيد ذلك إما بشهادة شهود أو بارسال ورقة الطلاق التي تتم عند مأذون ، وفي هذا تأكيد لوقوع الطلاق وكذا حفظا علي حقوق المرأة
 قال الشافعي رحمه الله" وان شهد عليه أن هذا خطه لم يلزمه حتي يقر به" أي لو ادعت المرأة علي زوجها انه كتب اليها بطلاقها لم يؤخذ بقولها حتي يقره الزوج .وأوجه نداء للأهل سواء من جانب الزوج أو الزوجة بالتروي عند احتدام الخلاف بين الزوجين والعمل علي الإصلاح بينهما قدر المستطاع حفاظا علي الأولاد لأن الكثير من الأبناء صاروا ضمن اطفال الشوارع هروبا من خلافات الآباء والأمهات فصار الشارع المكان الأمن لهم
فترة العدة
 ويرى الدكتور عطية فياض أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر :الأصل أن الطلاق يأتي بعد فشل جميع محاولات الاصلاح ولذلك فتوثيقه لا يلغي هذا المبدأ لكنه قد يؤثر في مراجعة الزوج زوجته اذا كانت طلقة اولى او ثانية حيث ان ما يقع امام الماذون يكون بائنا غالبا لذلك يجب ان يعاد النظر في مسالة بت الطلاق اذا كان امام الماذون بحيث يسمح بالمراجعة في فترة العدة اذا كان رجعيا
 مؤكدا ان الطلاق الذي يقع امام الماذون بحضور الطرفين يقع بائنا بينونة صغرى ويحتاج الزوج ان اراد مراجعة زوجته ان يعقد عليها من جديد ويدفع لها مهرا مع انه بالامكان الا يحتاج الى كل ذلك لو راجعها في العدة بمعنى ألا يقع الطلاق أمام المأذون على ما يعرف بالإبراء حتى تكون هناك فرصة للمراجعة دون عقد ولا مهر
الخلافات الزوجية
 وترى الدكتورة نجاة داوود استاذ مساعد ورئيس قسم الفقه العام بكلية الدراسات الاسلامية بالمنصورة: الأصل فالزواج العشرة بالمعروف بمحاولة كلا الزوجين القيام بواجباته الزوجية ومعاملة الطرف الآخر بما يحب ان يعامله به من كريم الخلق والمعاملة الحسنه . و اقامة الحوار فالاسرة لحل ما قد يطرأ عليها من خلافات وايمان كل منهما بان الكمال لله وحده وانه لا يوجد طرف فالاسرة ياخذ كل حقوقه ولا يؤدي كل ما عليه من واجبات مصداقا لقوله تعالى (وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ) و قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يفرك مؤمن مؤمنه ان كره منها خلق رضي منها آخر ) فاذا دب الخلاف فالاسرة فلا يصح التسرع في ايقاع الطلاق وانما البحث عن الوسائل المشروعة لحل الخلافات الزوجية بازالة اسباب الخلاف بتنازل كل واحد عن بعض رأيه من اجل سلامه الاسره فاذا ما حدث نشوز من الزوجة فعلى الزوج ان يتبع الوسائل المشروعة من الوعظ ثم الهجر فالمضاجع ثم الضرب غير المبرح لقوله تعالى ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فالمضاجع واضربوهن ) مع الاخذ فالاعتبار عدم التعدي اللي الوسيلة الثانية الا بعد التأكد من عدم جدوى الاولى ثم قال تعالى ( فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) . وقال تعالى ( وان امرأة خافت من بعلها نشوزا او اعراضا فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح خير ) فاذا استنفذت وسائل الاصلاح من قبل الزوجين كان الحل في ارسال حكما من اهله وحكما من اهلها يكونان من الاهل الخبرة فالاصلاح وان تتوفر لديهما نية الاصلاح . لقوله تعالى ( ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ) فاذا ما تم الاتفاق على الطلاق لاستحالة الاصلاح جاز ايقاع الطلاق طلقة واحدة ولا يوثقها حتى تنتهي العدة فلعل الزوجين يراجع كل منهما نفسه ويكتشف خطئه فيتراجعا في اثناء العدة فاذا لم يتراجعا اثناء لزم توثيق الطلاق لقوله تعالى ( وان يتفرقا يغني الله كلا من سعته )هذه هي الخطوات الطبيعية لايقاع الطلاق وتوثيقه واما ما يفعله بعض الناس من انه كلما وجد خلاف فالاسرة كان الطلاق اقرب اللى لسانه من الحل فهذا من الحمق والجهل بالشريعة . فيجب عدم الاسراع فالطلاق عموما وعدم الاسراع فالتوثيق خصوصا فاذا ما طلق جاز له مراجعة نفسه فالاولى والثانية فاذا لم يتراجعا وثق الطلاق . اما كثرة ايقاع الطلاق بلا ضابط و لا توثيق تحييل الحياة الزوجية اللى علاقة محرمة . ونستعيذ بالله من ذلك
المشاكل الزوجية
 وأشارالدكتور محمد احمد الدش ...مدرس الدعوة والثقافة الاسلامية بكلية اصول الدين والدعوة بالمنوفية جامعة الأزهر :يحسب كثير من الناس أن الطلاق سبب خراب البيوت ، وتفكك الأسر ، وتشرد الأبناء ..وهم في ذلك واهمون ..لأن الله تعالي لا يشرع لعباده إلا ما يصلح لهم وينفعهم في دنياهم وأخراهم ومن ثم جاءت تشريعات الإسلام علي وفق مصلحة البشرية في عاجل أمرها وآجله ، وإذا كان الأمر كذلك فما سبب هذه النسبة البالغة في كثرة حالات الطلاق والتي تأخذ شكلا ظاهرا من التفكك والتشرد ..السبب في ذلك هو إساءة تعامل البشر مع أوامر ربهم وتعاليم دينهم ،فمنهم من لا يفتر لسانه عن التلفظ بالطلاق سفاهة ..جدا ..هزلا ..يمينا ، غضبا ..سكرا ...ومنهم من يظن في التسرع به حلا لمشاكله الزوجية دون محاولة في إصلاح أو تغيير ... فحين شرع الطلاق لم يكن أول الحلول لحل المشكلات الزوجية ، بل وضع آخر الحلول التي تجلب المصلحة للطرفين ليصبح كل منهما قادرا علي استئناف حياة جديدة ينعم فيها بالذي حرم منه حال الزوجية ، فكان آخر الدواء الكي –كما يقولون – ولا حظ تلك التدابير التي وضحها الإسلام قبل الإقدام علي الطلاق ، وهنا ندرك عظمة الإسلام ، وحرصه على إدامة العلاقة بين الزوجين ، فيرغبهما فى الصلح عند الخلاف والشقاق، إذ يقول تعالي:" وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرً " يقول الإمام أبو حيان:(ذهب الجمهور إلى أنهما ينظران فى كل شيء، ويحملان على الظالم، ويمضيان ما رأيا من بقاء أو فراق) شريطة أن يكون الحكمين بالغين عاقلين مسلمين ومن أهل الستر والعفاف، ويغلب عليهما النصح والتذكير...فإن لم يكن وفاق فالطلاق ، وبمجرد التلفظ به فقد وقع - ولا مجال لإصلاح ذات البين بينهما إلا للرجعة فقط -، ولم يبق إلا التوثيق الذي يحتاج إلي رعاية المطلق لدينه وضميره وفاء بحقوق المطلقة في الإسلام .

توثيق الطلاق
وقال الدكتور سعيد محمد قرنى عضو هيئة تدريس‏ لدى ‏كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة جامعة الأزهر‏:اصلاح ذات البين افضل من التطوع بالصلاة والصدقة والصوم وافساد ذات البين هي الحالقة لا اقول تحلق الرأس ولكن تحلق الدين كما جاء في الحديت ، ومسألة توثيق الطلاق كما تعلم للازهر رأي واضح فيها ولا يعني هذا ان الطلاق الشفي لا يقع ، وعلاج ظاهرة الطلاق ليست في توثيقه ام عدم توثيقه وانما يحتاج الي امتلاك الانسان نفسه والتحلي بالحكمة في تعامله مع زوجته وحل المشكلات الاسرية حتي لا تتباقم الامور التي تؤدي الي الانفصال بين الزوجين

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.