رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 29 أبريل 2024 8:28 ص توقيت القاهرة

الدكرورى يكتب عن الفساد مخاطرة وصورة المعاصرة " الجزء الخامس"

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع الفساد مخاطرة وصورة المعاصرة، ويقول الله تعالى فى سورة الأعراف "ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها" وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في تفسير هذه الآية أنه قال أكثر المفسرين لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله، بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل، وبيان الشريعة، والدعاء إلى طاعة الله، فإن عبادة غير الله والدعوة إلى غيره، والشرك به، هو أعظم فساد في الأرض، بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو بالشرك به، ومخالفة أمره، فقال الله تعالى فى سورة الروم " ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس " وبالجملة فالشرك والدعوة إلى غير الله، وإقامة معبود غيره، ومطاع متبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعظم الفساد في الأرض.

ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا أن يكون الله وحده هو المعبود، والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم ليس إلا، وغيره إنما تجب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول، فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعة، فإن الله أصلح الأرض برسوله صلى الله عليه وسلم، ودينه، وبالأمر بتوحيده، ونهى عن إفسادها بالشرك به، وبمخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله، وعبادته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكل شر في العالم، وفتنة، وبلاء، وقحط، وتسليط عدو، وغير ذلك، فسببه مخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم، والدعوة إلى غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن الآيات التي جاءت في كتاب الله عز وجل، تنهى عن الفساد والإفساد في الأرض.

وقوله عز وجل فى سورة البقرة "وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد " ويقول ابن جرير الطبري رحمه الله، اختلف أهل التأويل في معنى الإفساد الذي أضافه الله تعالى إلى هذا المنافق الذي ذكره الله في الآية، فقيل هو قاطع الطريق، وقيل هو الذي يسفك دم المسلمين، إلى آخره، ويدخل في الإفساد جميع المعاصي، ويقول الإمام ابن تيمية رحمه الله "إن إقامة الحد من العبادات، كالجهاد في سبيل الله ، فينبغي أن يعرف أن إقامة الحدود رحمة من الله بعباده فيكون الوالي شديدا في إقامة الحد، لا تأخذه رأفة في دين الله فيعطله، ويكون قصده رحمة الخلق بكف الناس عن المنكرات لا شفاء غيظه، وإرادة العلو على الخلق بمنزلة الوالد إذا أدب ولده، فإنه لو كف عن تأديب ولده كما تشير به الأم رقة ورأفة لفسد الولد.

وإنما يؤدبه رحمة به، وإصلاحا لحاله، مع أنه يود ويؤثر أن لا يحوجه إلى تأديب، وبمنزلة الطبيب الذي يسقي المريض الدواء الكريه، وبمنزلة قطع العضو المتآكل، والحجم، وقطع العروق بالفساد، ونحو ذلك بل بمنزلة شرب الإنسان الدواء الكريه، وما يدخله على نفسه من المشقة لينال به الراحة، فهكذا شرعت الحدود، وهكذا ينبغي أن تكون نية الوالي في إقامتها، فإنه متى كان قصده صلاح الرعية والنهي عن المنكرات، بجلب المنفعة لهم، ودفع المضرة عنهم، وابتغى بذلك وجه الله تعالى، وطاعة أمره ألان الله له القلوب، وتيسرت له أسباب الخير، وكفاه العقوبة البشرية، وقد يرضى المحدود، إذا أقام عليه الحد، وأما إذا كان غرضه العلو عليهم، وإقامة رياسته ليعظموه، أو ليبذلوا له ما يريد من الأموال، انعكس عليه مقصوده.

ولهذا قال عثمان بن عفان رضي الله عنه، إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، أي يمنع بالسلطان باقتراف المحارم، أكثر ما يمنع بالقرآن لأن بعض الناس ضعيف الإيمان لا تؤثر فيه زواجر القرآن، ونهي القرآن لكن متى علموا أن هناك عقوبة من السلطان، ارتدعوا، وخافوا من عقوبة السلطان لئلا يفتنهم، أو يضربهم، أو ينفيهم من البلاد، فهم يخافون ذلك، وإن من صور الإفساد في الأرض، هو ما ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم رحمهما الله وهي الشرك بالله عز وجل، والشرك هو مساواة غير الله بالله، فعبادة غير الله تعالى والذبح لغير الله، والنذر لغير الله، والدعوة للقبور، والمزارات أن تعبد من دون الله تعالى، وأن تشد الرحال إليها، والتوكل عليها، والاستعانة بها، والحلف بها، كل هذا من الإفساد في الأرض.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.