بقلم / محمــــد الدكـــروري
الأربعاء الموافق 25 أكتوبر
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، إن التبعات وهي حقوق العباد سواء كانت مادية، أو معنوية كالدين وما إليه، لا تغفر للشهيد، كما ثبت في الحديث أن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين، والدين هو ما يتعلق بذمته من حقوق المسلمين، إذ ليس الدائن أحق بالوعيد والمطالبة منه، من الجاني والغاصب، والخائن، والسارق، ولكن قد تكون لهذا الشهيد أعمال صالحة تقاوم هذه التبعات، ويبقى له ثواب شهادته، وإن للشهيد فضائل كثيرة، منها ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين" رواه مسلم، وعن المقدام بن معدي كرب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للشهيد عند الله سبع خصال"
"يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويشفع في سبعين إنسانا من أهل بيته" رواه أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وقد جاء في كتاب المغني لابن قدامة ويستحب دفن الشهيد حيث قتل، وقال أحمد أما القتلى فعلى حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ادفنوا القتلى في مصارعهم" وعلى ذلك يكون الأفضل للشهيد أن يدفن في المكان الذي استشهد فيه، وأن الشهادة قد لا تتاح لكل شخص لأن الجهاد من أصله يتطلب من الشروط ما قد لا يتوفر في كل وقت، ولكن المرء إذا صدق الله في نية الجهاد في سبيله، فإن الله يبلغه ذلك بفضله وكرمه.
فقد قال صلى الله عليه وسلم "من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" رواه مسلم، فإن الصدق من الصفات الحميدة ولكن كيف اتحلى به ؟ وكيف اكتسبه ؟ وما هي الوسائل المعينة عليه ؟ لأن الصدق شديد على النفس ولهذا قال ابن القيم رخمه الله" حمل الصدق كحمل الجبال الرواسي، لا يطيقه إلا أصحاب العزائم، فهم يتقلبون تحته تقلب الحامل بحمله الثقيل، والرياء والكذب خفيف كالريشة، لا يجد له صاحبه ثقلا البتة، فهو حامل له في أي موضع اتفق، بلا تعب ولا مشقة ولا كلفة، فهو لا يتقلب تحت حمله ولا يجد ثقله" ومن وسائل اكتساب الصدق، هو مراقبة الله تعالى، فإن إيمان المرء بأن الله عز وجل معه، يبصره ويسمعه يدفعه للخشية والتحفظ.
وكذلك من وسائل إكتساب الصدق هو الحياء، لأن الحياء يحجب صاحبه عن كل ما هو مستقبح شرعا وعرفا وذوقا، والمرء يستحيي أن يعرف بين الناس أنه كذاب، فالمسلم أولى بالحياء من ربه أن يسمعه يقول كذبا، أو يطلع على عمل، أو حال هو فيه كاذب، وأيضا صحبة الصادقين، فقد أمر الله المؤمنين أن يكونوا مع أهل الصدق، أي اقتدوا بهم واسلكوا سبيلهم، وهم الذين استوت ظواهرهم وبواطنهم، وصدقوا في أقوالهم وأعمالهم، وأيضا إشاعة الصدق في الأسرة.
إضافة تعليق جديد