بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم الثلاثاء 24 أكتوبر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على طريقه ومنهاجه، وعلى التابعين ومن تبعهم إلى يوم الدين، الذي كان صلي الله عليه وسلم يتفهم نفسية المرأة بوجه عام فقال صلى الله عليه وسلم " استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع أعوج وان أعوج شيء في الضلع أعلاه فان ذهبت تقيمه كسرته وان تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا" والحديث ليس على سبيل الذم كما يفهم العامة بل لتفهيم وتعليم الرجال، وفي الحديث فهم عجيب لطبيعة المرأة وفيه اشارة الى امكانية ترك المرأة على اعوجاجها في بعض الامور المباحة، وألا يتركها على الاعوجاج اذا تعدت ما طبعت عليه من النقص كفعل المعاصي وترك الواجبات، وهو صلى الله عليه وسلم الذي استشار زوجاته رضوان الله عليهن في أدق الامور.
ومن ذلك استشارته صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية عندما أمر أصحابه بنحر الهدي وحلق الرأس فلم يفعلوا لانه شق عليهم أن يرجعوا ولم يدخلوا مكة، فدخل مهموما حزينا على أم سلمة رضي الله عنها في خيمتها فما كان منها الا أن جاءت بالرأي الصائب اخرج يا رسول الله فاحلق وانحر، فحلق ونحر واذا بأصحابه كلهم يقومون قومة رجل واحد فيحلقون وينحرون، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله، فإن الغرض من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم هو إتمام الأخلاق والعمل على تقويمها وإشاعة مكارمها، بل إن الهدف من كل الرسالات هو هدف أخلاقي، وكما أن الدين نفسه هو حسن الخلق ولما للأخلاق من أهمية نجدها في جانب العقيدة حيث يربط الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بين الإيمان وحسن الخلق.
ففي الحديث لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم أي المؤمنين أفضل إيمانا ؟ قال صلى الله عليه وسلم "أحسنهم أخلاقا " رواه الطبراني، وإن الحياة الدنيا من المنظور الإسلامي هى القنطرة للدار الآخرة، وهى الوسيلة للغاية النبيلة، فبناء على التصور الإسلامي، فإن الحياة فانية، وعمر الإنسان مهما طال فهو قصير، ولقد كانت الآداب والقيم، هما السمة البارزة، في سيرة الرعيل الأول من سلف هذه الأمة، فقد أولوها اهتمامهم قولا وعملا وسلوكا وتصرفا، بل كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يهذب الجيل إذا ما وقعوا فيما يناقض الذوق والأدب، ويقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما "كان الناس يتعلمون الأدب قبل العلم" وقال عبد الله بن المبارك "نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم"
فكان هذا دأبهم وديدنهم، لذا حازوا الأدب العالى والذوق الرفيع والعلم الوفير، فكانوا أحسن الناس أخلاقا، وأرفعهم أذواقا، وأكثرهم ندى، وأبعدهم عن الأذى، وإن دين الإسلام الحنيف، هو دين تكافل وتراحم، وهو دين تعاطف وشفقة، وهو دين معاملة وإحسان، وقد عمل على ذلك أولو العزائم، من السلف الكريم، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدانت لهم الدنيا، وتحطمت تحت أقدامهم تيجان الجبابرة من أقاصرة وأكاسرة، وملكوا أَزمة الأمور، فكانت الشدة منهم على الكافرين، وكانت الرحمة والشفقة بينهم، مثلا للعادلين والمتأسّين، وإن الدين الإسلامى في مجموعه هو وحدة متماسكة الأطراف، محكمة العُرى، تؤلف بين جملة من الحقوق، وإن الأخذ بها في مجموعها أمر لا مندوحة عنه.
إضافة تعليق جديد