رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 18 مايو 2024 1:46 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن الفضائل والهبات من الوهاب

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 24 ديسمبر

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا، يا ربنا لك الحمد أن أنزلت على عبدك الكتاب وأخزيت الأحزاب، وأشهد أن لا إله إلا الله العزيز الوهاب، وحده لا شريك له رب الأرباب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المستغفر التواب، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله والأصحاب يا أرحم الراحمين، ثم أما بعد، إن من الفضائل والهبات والعطايا التي امتن الله تعالى بها على العباد، وربما قد تغيب حكمتها عن الكثير من الخلق، أن الله تعالى فضل بعض العباد في العطاء، ورفع بعضهم في المنزلة في الدنيا على بعض، وذلك لتسري الحياة، ويتبادل الناس المنافع.

وتقوى البشرية على عمارة الأرض وتأمين سبل الحياة، فلو كانوا على درجة من الغنى متساوون في المنازل، لتطاول العباد على بعض، وتقاعسوا عن العمل، ولو خلقوا على درجة من الفقر، لجارت عليهم الحياة، وانحدرت بهم إلى الهاوية، لأن المال سر الوجود، وسبب البقاء، وعليه تقوم عمارة الأرض، ومن ثم جعل الله التوازن يضرب أرجاء المعمورة، وتستمر الحياة بمعاونة الناس بعضهم لبعض على أساس احتياج كل منهما للآخر، لكنه سبحانه وتعالى من كمال وعظيم عدله، لفت انتباه الخلق إلى أن بسط الرزق وتقتيره من اختصاصه وحده، دون غيره من الخلق، وهذا ليرضى العباد بما قسم له من الرزق، فقسمة الله عادله، وحكمته للخلق كلها خير، ولقد بين سبحانه وتعالى أثر قدرته الباهرة.

التي بينها لعباده في خلق السموات والأرض، فإن القادر على خلق السموات والأرض، وتسخير الشمس والقمر لا يعجزه إجراء الرزق على مخلوقاته، كيفما شاء وأراد، فهو الذي يبسط الرزق ويوسعه على من يشاء من عباده، الذين يعلم من شأنهم أن بسط الرزق يصلحهم، ويقيم أحوالهم، وهو سبحانه الذي يقدر الرزق، ويضيقه على من يشاء من عباده الذين يعلم بعلمه الذي أحاط به جميع خلقه، أن بسط الرزق يفسد أحوالهم، فاعلموا أيها الناس أن الله تعالي أصلح الخلق بعلمه، وشملهم بحلمه، والخير ما اختاره الله تعالي لعباده، فضيق العيش صلاح المؤمن، فمن رحمة الله به أن ضيق عليه أمر الدنيا، لأنه علم أنه لو بسط له الرزق، وسرى في يده الرخاء لتغير حاله إلى أسوء حال، وضيق العيش على الكافر.

إنما لينبهه بأن الرزق بيد الله المهيمن على السماوات والأرض، ولو كانت السعة بيدك أيها الجاحد للإيمان، فلم عشت فقيرا معدما، فأمر الغنى والفقر لله وحده، فقد يحمله ذلك على التبصر والإيمان، وإن فضل الله عز وجل فاق الحدود، ولم تقف أمام وصوله إلى الخلق السدود فرغم صلاح العباد فيما قدر لهم من العطاء إلا أنه لم يتركهم سدى، بل ضمن للفقير حقا مفروضا في مال الأغنياء، وهو الزكاة، وهي ليست منة من أحد، بل ركن من أركان الإسلام، وهي عبادة تكافلية يحملها الغني حملا إلى منزل الفقير، وحذر الحق سبحانه وتعالى من أن يكون هذا الحق من خبيث المال، أو يتبعه المزكي بسوء المقال، فالفقراء عيال الله، والأغنياء وكلاء الله، فإذا بخل وكلائي على عيالي أدخلتهم النار ولا أبالي، فيا له من رب رحيم يمنع ليعطي، وقد يعطي ليمنع، ويفتح على العبد الفقير الفهم في المنع حتى يرضيه به كأنه عين العطاء.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.