رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 17 مايو 2024 5:45 ص توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن المؤمن القوي في الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد فإننا لسنا بحاجة إلى الضعفاء المهازيل الخائفون من هبة ريح أو عاصفة هو جاء الذين لا ينصرون صديقا ولا يخيفون عدوا، فإننا لا نريد الجبان الذي إن أحس بعصفور طار فؤاده وإن طنّت بعوضة طال سهاده يفزع من صرير الباب إن نظرت اليه شزرا أغمي عليه شهرا يحسب خفوق الرياح قعقعة الرماح، فاسمعوا إلى حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير"
وقد أمرنا الله تعالي أن نعد ونستعد بالقوة والعتاد والجند والسلاح قوة الإيمان وعتاد الأخوة وجند التكافل وسلاح الدعاء مع العمل بالأسباب المادية، فأعدّوا يا معشر المسلمين لمواجهة أعدائكم كل ما تقدرون عليه من عدد وعدة لتدخلوا بذلك الرهبة في قلوب أعداء الله وأعدائكم المتربصين بكم وتخيفوا آخرين لا تظهر لكم عداوتهم الآن، لكن الله يعلمهم ويعلم ما يضمرونه، وإن الزمان قد تغير على المسلمين فانكمشوا بعد امتداد ووهنوا بعد قوة هذا كله لإننا ضيعنا مصادر قوتنا فالإيمان لم يعد هو المسيطر على أنفسنا والموجه لإخلاقنا، فأصبحنا غثاء كغثاء السيل في ذل وهوان، فأعدّوا يا معشر المسلمين بالاستقامة على الجادة، أما الرجل الخرب الذمة، الساقط المروءة فلا قوة له ولو لبس جلود السباع، ومشى في ركاب الأقوياء.
وابن آدم إذا انحرف فقد يتعرض للعنة أهل الأرض والسماء، ويكون في ضعفه وحقارته أقل من الذر والهباء، ولمثل هذا جاء الحديث الصحيح "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" وقد قال بعض أهل العلم في هذا الباب إن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو، وإذا ملك الإنسان نفسه فقد قسر شيطانه، أما القوة العسكرية فمطلب في الشريعة معلوم، فإنها القوة التي تحفظ الإسلام وأهل الإسلام، فلا يصدون عن الإسلام ولا يفتنون، وهي قوة ترهب أعداء الله فعلى ديار الإسلام لا يعتدون، وقوة ترهب أعداء الله فلا يقفون في وجه الدعوة والدعاة، وهي قوة كذلك من أجل الاستنصار للمستضعفين والمغلوب على أمرهم ليظهر أمر الله، ويحق الحق ويبطل الباطل، وفي جميع مجالات القوة يكون الخير والمحبة الإلهية فيقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف"
أما قوله صلي الله عليه وسلم "استعن بالله ولا تعجز" فإنه يمثل صورة أخرى من صور القوة، إنها قوة العزم والأخذ بالأسباب على وجهها، يستجمع المؤمن في ذلك كل ما يستطيع في سبيل تحقيق غاياته، باذلا قصارى جهده في بلوغ مآربه غير مستسلم للحظوظ، فاستعن بالله ولا تعجز، فإن المرء مكلف بتعبئة قواه وطاقاته لمغالبة مشكلاته إلى أن تنزاح عن طريقه، فإذا استطاع تذليلها فذلك هو المراد، وما وراء ذلك فيكله إلى ربه ومولاه، أما التردد والاستسلام للهواجس، وتغليب جوانب الريب والتوجس، فهذا مجانب للقوة، وصدق العزيمة، فالقوة في الجزم، والحزم والأخذ بكل العزم، ولهذا كان من أعظم المصائب الهدامة العجز والكسل والجبن والبخل فإنها صور من صور الضعف والخور.
وقد استعاذ منها جميعا نبيكم محمد صلي الله عليه وسلم في دعاء رفعه إلى مولاه، قائلا "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" فإنها كلها تصب في مصاب الضعف والانهزام النفسي والعملي.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.