بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم السبت : الموافق 4 نوفمبر
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، إن حب الوطن فطرة يفطر عليه الإنسان، وخلة يجبل عليها ويعجن بها، وطبيعة تولد معه وتوجد في البدن ولا تخرج إلا إن أدرج في الكفن، يقول ابن الجوزي وفطرة الرجل معجونة بحب الوطن، ثم إن الإبل تحن إلى أوطانها، والطير إلى أوكارها، وعن الإمام علي كرم الله وجهه قال عمرت الدنيا بحب الأوطان، وعن إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه أنه قال ما عالجت شيئا أشد من منازعة النفس للوطن، وقال عبدالملك بن قريب الأصمعي سمعت أعرابيا يقول إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحببه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكاؤه على ما مضى من زمانه.
وكان بعض الملوك قد انتقل عن وطنه، فنزل ديارا أعمر من دياره وأخصب، ودانت له الممالك، ثم كان إذا ذكر الوطن يحن حنين الإبل إلى الأوطان، ولقد حذر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم من الاقتراب من محارمه، أو انتهاك حدوده، فقال تعالى فى سورة البقرة " تلك حدود الله فلا تقربوها" وقال تعالى أيضا فى سورة البقرة " تلك حدود الله فلا تعتدوها" ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه" رواه البخارى ومسلم، وإن أمر الله سبحانه وتعالى للعباد ونهيهم هو عين حظهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة إن سمعوا له وأطاعوا، ومصدر أمره سبحانه وتعالى ونهيه رحمته الواسعة، وبره وجوده، وإحسانه وإنعامه.
فله الحمد والشكر على ما شرعه وأمر به، وليس لأحد من الخلق أن يحل أو يحرم من عند نفسه، فقال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة النحل" ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع قليل ولهم عذاب أليم" فما من شك أن الله تبارك وتعالى هو الخالق لعباده، وهو الرازق لهم، والجهة التي تخلق وترزق هي التى تشرّع فتحل وتحرم، وتأمر وتنهى، وقد أباح الله تعالى للناس جميعا أن يأكلوا مما رزقهم الله في الأرض حلالا طيبا إلا ما شرع لهم حرمته لمضرته، وحذرهم من عدوهم الشيطان الذي غرّ أباهم آدم فأوقعه فيما حرم الله فقال الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة البقرة " يا أيها الناس كلوا مما فى الأرض حلالا طيبا ولا تتيعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين"
وينادى الله سبحانه المؤمنين بالصفة التي تربطهم به سبحانه، وتوحي إليهم أن يتلقوا منه الشرائع، وأن يأخذوا عنه الحلال والحرام، ويذكرهم بما رزقهم، فهو وحده الرازق، الذي أحل لهم الطيبات التي تنفعهم وحرم عليهم الخبائث التي تضرهم، فيقول تعالى كما جاء فى سورة البقرة " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون " فإن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وأكرمه وهيأ له ما يحتاجه من الطعام والشراب وأحل له أشياء، وحرم عليه أشياء، وأمره بأشياء، ونهاه عن أشياء رحمة به وإحسانا إليه وحماية له، فأمره الله تعالى بعبادته وطاعته وكل ما يصلحه وينفعه، وأحل للمؤمنين الأكل من الطيبات ليستعينوا بها على طاعة الله تعالى، وحرم عليهم الخبائث لئلا تضرهم، ونهاهم عن الشرك به ومعصيته وكل ما يضرهم ويفسدهم.
إضافة تعليق جديد