رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 8:18 م توقيت القاهرة

الريح العقيم.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا أما بعد يا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، ولنعلم أن الريح والغبار رسل ونذر من عند الله تعالى، وآية من آياته، حيث يقول تعالي " وما نرسل بالآيات إلا تخويفا " وخوّف العظيم الجليل عباده بالريح العاتية، وأنذرهم بالأعاصير القاصفة، وهذه الرياح جند طائع لله تعالى، فإذا شاء الله صيّرها رحمة، فجعلها رخاء ولقاحا للسحاب، فكانت مبشرات بين يدي رحمته، ونزول نعمته، وإذا شاء الله جعل هذه الرياح نقمة ونكالا، فكانت صرصرا عاصفا، وعذابا عقيما، قال تعالى عن قوم عاد لما كفروا وإستكبروا " وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم "
وهذه الريح جعلها الله سلاما لنصرة أوليائه، فحينما زُلزل المؤمنون يوم الخندق زلزالا شديدا، وزاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، نصر الله نبيه وأولياءه، فأرسل على أعدائهم ريحا عاتية، قلعت خيامهم، وأطفأت نارهم، وكفأت قدورهم، فارتحلوا بعد ذلك صاغرين متفرقين، فيا عباد الله لقد كان النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم إذا رأى الريح قال "اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به" وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء، أقبل وأدبر، ودخل وخرج، وتغير وجهه، فإذا أمطرت السماء سرّي عنه، فعرّفته السيدة عائشة ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أدري لعله كما قال قوم " فلما رأوة عارضا مسقبل أوديتهم "
فيا أيها الناس اعلموا أن الهواء هو آية من آيات الله في هذا الكون العظيم، تتوقف عليها الحياة في جسم الإنسان الحي، وتبعث النشاط والحركة، وتمنح العزيمة بعد الفتور، بوجودها يقوى الإنسان بعد ضعف، ويتسع بعد ضيق، إن تفكر فيها المرء ازداد إيمانا بربه، وعلم أنه خالق كل شيء ومليكه، وأنه لا إله بحق سواه، وهي آية في الأرض وفي السماء، أقسم الله بها في كتابه، وقد ذكرها سبحانه في محكم التنزيل متصرفة في تسعة وعشرين موضعا، وكل قسم يقسمه الله في كتابه فهو عظيم حيث يقول تعالي " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم " فيا عباد الله إننا نتقلب في نعم من الله زاخرة وخيرات عامرة، فسماؤنا تمطر، وشجرنا يثمر، وأرضنا تخضر، فتح الله لنا برحمته أبواب السماء فعم بخيره الأرض وانتفع العباد، فيا أيها المسلمون لا يخفى على أحد ما يحصل للعباد والبلاد.
من الضرر بتأخر نزول الغيث، فالآبار قد تنضب، والثمار قد تذبل، والمواشي قد تهزل، ومعها القلوب قد وجفت، حتى يكاد اليأس أن يصيب بعض القوم حينما يروا هذا في مزارعهم وديارهم، فإذا بالرحيم سبحانه ينزل بعض رحمته، فتنهمر السماء وترتوي الصحراء، فلا إله إلا الله، ما أعظم جوده، ما أكرم عطاءه، فإن إنزال الغيث نعمة من أعظم النعم واجلها، نعمة إمتن الله بها على عباده، وأشاد بها في كتابه، وإن مما يدل على عظم تلك النعمة، تلك الأوصاف المتعددة التي وصف الله تعالى بها الغيث في كتابه، فأحيانا يصف الماء بالبركة وأحيانا يصفه بالطهر، وأحيانا بأنه سبب الحياة ونحو هذا من الصفات التي لا تليق إلا بهذه النعمة العظيمة، ولما كان كثير من الناس ينظر إلى نعمة الغيث نظر بصر مجرد، غفلوا عن أشياء كثيرة، وفاتهم غيث القلوب.
وهو النظر بنظر البصيرة، والإعتبار إلى هذه الآية العظيمة ففي هذا الغيث العديد من مواطن للعبر والكثير من آيات للتذكر ولعل من أبرزها أنه دليل باهر وبيان قاهر على توحيد الله وعظيم أمره وجليل سلطانه، فلو إجتمع الأنس والجن والملائكة وأرادوا إنزال قطرة غيث واحدة ما إستطاعوا إلى ذلك سبيلا، وينشئ المولى سبحانه السحاب فتتراكم وتتجمع على أشكال مختلفة، ثم تأتي الرياح بأمره فتسوقها إلى بلد محدد دون بلد آخر، وإلى مكان محدد دون مكان آخر، فينزل المطر بقدر معلوم وفي أوقات معلومة بتقدير العزيز العليم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
8 + 10 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.