رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 5 مايو 2025 2:33 م توقيت القاهرة

العمل المفيد الذي يعود بالتنمية الحقيقية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد هناك في قلب المجتمعات مهن قد ظهرت وإستقرت تدور كلها في دوائر الإستهلاك المحلي ولا تسمن ولا تغني في بناء الأمم وصنع الحضارة، مثل المحلات التي تبيع الأدوات الاستهلاكية التي تعد في باب الترفيه، واستشرت السوق الملتهبة بالبيع في طرقات الناس والقطارات، وتزيد أعداد الواقفين لا العاملين في توقيف السيارات وإغتصاب الشوارع من بعض الصبية لفرض إتاوات على الناس، والمتأمل يرى في سوق العمل عجبا، أفواج كثيفة متخرجة من التعليم العالي لكنها لا طموح لدى أفرادها في مجال التميز بالعمل المفيد. 

الذي يعود بالتنمية الحقيقية على وطنه وأمته، وإنما يعمل خريج الهندسة في مجال السياحة والمتخرج من الطب بالتجارة وهكذا في دوائر مفرغة لا يجدها المتابعون إلا بين ظهراني أمتنا، وسأل رجل الإمام أحمد بن حنبل فقال أيخرج أحدنا إلى مكة متوكلا لا يحمل معه شيئا؟ قال لا يعجبني فمن أين يأكل؟ قال يتوكل فيعطيه الناس، قال فإذا لم يعطوه أليس يتشرف حتى يعطوه؟ لا يعجبني هذا، لم يبلغني أن أحدا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والتابعين فعل هذا، ولكن يعمل ويطلب ويتحرى، وقسم من الناس عباد الله أفرطوا في أمر التكسب، ولم يراعوا حلالا من حرام، فتلوث مطعمهم ومشربهم وملبسهم، فحملوا بذلك أثاما وأوزارا، ومحقت بركة كسبهم، وأما القسم الثالث من الناس فقد عملوا بالأسباب المباحة وتكسبوا من الرزق الحلال. 

إلا أن الدنيا شغلتهم عن أداء حق الله تعالى، فخسروا دنياهم وآخرتهم، وقد قال الله تعالى في سورة الشوري " من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منه وماله في الآخرة من نصيب" وأما القسم الأخير من الناس فهم الذين سلكوا الطرق المشروعة للكسب، وجعلوا مرضاة الله تعالى نصب أعينهم، فأخذوا ما لهم، وأدوا الحق الذي عليهم، وأنفقوا في سبيل الخير، وهؤلاء هم الذين " هدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد" ولم يكن الأنبياء المطهرين عليهم السلام ومعهم الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم أجمعين في معزل عن العمل، بل إقتحموا الميدان على إختلاف مناشطه وجهوده، فعن نبي الله داوود عليه السلام قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم " ما أكل أحد طعام قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده" رواع البخاري. 

فقد كان نبي الله داود عليه السلام يعمل في صناعة الدروع الحديدية وما شابهها، ومن قصة موسى الكليم عليه السلام في أرض مدين نجد أنه قد وافق أن يكون أجيرا، يعمل ويكد بعرق جبينه وهو من أولى العزم الكبار، وقد عمل جمع من أولى العزم من الأنبياء أيضا في رعي الغنم، وعلى ذلك سارت سنة الأنبياء الكرام يعملون ولا يأنفون، فآدم عليه السلام فلاحا يحرث الأرض ويزرع بنفسه، وكان نبي الله إدريس عليه السلام خياطا، وسيدنا نوح عليه السلام نجارا وخليل الله إبراهيم عليه السلام بناء، وهو الذي بنى الكعبة الشريفة وعاونه في عملية البناء ولده إسماعيل عليه السلام، وكان نبي الله إلياس عليه السلام نساجا، وسيدنا عيسى عليه السلام يعمل بالطب.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.