بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وكفى، وما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى خاتم الأنبياء والمرسلين وشفيعنا يوم الدين، وعلى آله وصحبه وسلم، ثم أما بعد إنه لابد في كل عصر وفى هذا العصر بالذات وقد رأينا جميعا كيف يتوالى أعداء الإسلام على حربه من التعاون بين المسلمين على البر والتقوى كما قال الله تبارك وتعالى في سورة الصف " إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " وهل تجد أبلغ من هذا الوصف والتشبيه والبنيان المرصوص لا يمكن أن يجد فيه أحد ثغرة ينفذ منها أو يتسلل، والرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم يقول " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعة " رواه البخاري، ومسلم والنسائي وأحمد، فالواجب أن لا ينشغل المؤمنون بعضهم ببعض فإن الحاجة ماسة وداعية.
إلى أن يجتمع أهل السنة والجماعة تحت الراية الواحدة التي تجمعهم مهما إختلفت إجتهاداتهم في المسائل الفقهية، والأمور العملية ومهما إختلفت إجتهاداتهم في الدعوة إلى الله جل وعلا ومهما إختلفت بلادهم وآراؤهم فهذه القضايا ليست مدعاة إلى أن يتفرق أهل السنة والجماعة، وأما إذا كان الخلاف خلافا عقديا مبنيا على أصول فهنا لابد من توضيح الأمر لئلا يلتبس الحق بالباطل على الناس، أما أن نتخذ من هذه الخلافات الجزئية الفرعية التي لا تؤثر سببا للتفرق والخصومة والتنافر وأن ينشغل بعضنا ببعض فهذا ليس من الحكمة التي أمر الله تعالى بها، فهل من الحكمة أن ينشغل المؤمنون والدعاة والصالحون مثلا بالخلاف حول سنة من السنن أو حول مسألة فقهية، ويتركوا أمرا هم يجمعون على أنه باطل وضلال ؟ فإن هناك أشياء كثيرة يتفق أهل السنة والجماعة.
على أنها منكرات وضلالات بل منها ما يتفقون على أنها كفر بالله العظيم، فلماذا لا يكون هناك تعاون في محاربة هذه الأشياء التي يتفق الجميع على أنها كفر أو ضلال أو باطل أو ما أشبه ذلك وهذا لا يعنى أننا نمنع الكلام في الأمور الفرعية كلا، لا مانع أن يتكلم الإنسان في قضية فرعية أو في مسألة خلافية فيبين الراجح من المرجوح بالأدلة لكن الشيء الذي أقصده أن لا يتحول هذا الأمر إلى سبب يوجب عدم التعاون بين المؤمنين في أمور يتفق الجميع على أنها يجب أن تقاوم وتحارب، وذكرت المصادر الكثير عن الحروب وما تصنعة من دمار وخراب في البلدان، وكما ذكرت المصادر أن المشاعر المكبوتة التي نتجت عن الحرب قد تتجلى في شكل عصاب، وهو نوع متطور من الخوف يدفع الإنسان للقتل أو الإنتحار، وينطبق هذا الإفتراض على الأفراد.
الذين عانوا من الحرب سواء أكانوا مدنيين أو عسكريين حيث يمكن أن تطفو الصدمة على السطح في شكل قلق لا يمكن السيطرة عليه، فقط بعودة الذكريات والتهيج العاطفي المرتبط بها من شدة الدمار والقتل والظلم، هنا يظهر مفهوم الصدمة الجماعية التي تقود المجتمعات إلى جرح نفسي مشترك وشعور بالغبن ناحية فئة من الناس، أو دين أو شعب ما، تصبح فرصة إستدعائه مستقبلا لتكرار هذه المجازر والظلم ممكنة إذا توفر السياق اللازم، ولا يتعلق ذلك بالثورة أو مقاومة الحرب حيث تفترض بعض الأبحاث النفسية أن الإنسان الثائر لا يشعر بالإكتئاب والقلق نظرا لإرتفاع معدلات الطموح والأمل لديه، لكن هذا قد يحدث في زمن لاحق بالنسبة للثائر الذي يمتلك المناعة الكافية من الإكتئاب في ظل الثورة، لكنه فور فقدان تلك الحالة الثورية وتغير الأوضاع.
قد يكتشف معاناته النفسية بظهور علاماتها السابق ذكرها، وأشهر تلك العلامات هي إضطراب ما بعد الصدمة، أو مرض ثنائي القطبية عند البعض ممن يرون بأن نتائج الحروب قد تصنع أمراضا أكثر خطورة.
إضافة تعليق جديد