بقلم الناقد المصري /سيد جمعه
" أنا أرسم الأشياء كما أفكر فيها لا كما أراها "
بيكاسو
إن الفنون البصرية على تنوعِها هو تجسيد لغير المرئِ الذى لا نراهُ و فيما لاتُدركهُ أبصارنا فى المرئيات مِن حولِنا وما نُشاهدهُ يومياً مِن طيرٍ وحيوانٍ و نباتٍ وجمادِ و إنسانٍ ، بل ومشاعر وأحاسيس مُتباينة ؛ وغير ذلك مما تزخرُ بهِ الحياة ؛ والفنان المُبدع فقط هو ذلك الإنسان البارع فى تجسيد ذلك بفِكرة وأدواتهِ و مِن تراكمات مخزونهِ البصرى والوجدانى .
وكما أن جمال العمل الفنى لا يكّمنُ – كما اشار جومبريتشى فى جمال موضوعهُ ؛بل فى جمال أسلوب التعبير عن هذا الموضوع.
إنّ فى هذا الكتاب الذى بين أيدينا عن الفنانة / عطاف نصرى
ومن خلالِ لوحاتِها - عبر صفحاتِ القراءاتِ فى هذا الكتابِ – ومِن خلال أيضا غيرِ المَرئِ في اللوحات والمشاهد المألوفة سواء عن البيئة و الأرضِ أوالمعمار والمبانى الأثرية والتراثية وكذلك الوديانٍ و التلالٍ و الأعمالِ وألأدواتٍ البيئية وأيضاً الملامح والمشاعرالإنسانية المُتباينة المُتجسدةٍ أو المحفورة على الوجوه النماذج المختارة والتى تتزاوج ما بين الفرحِ و الأملِ و السرورِ وبين المُعاناةِ والتعبِ و الجهدِ فى الإعمار شأن كلِ البشر على الأرضِ التى يعيشُ عليها ؛مُضمنة ذلك في مُكوناتِ العمل من إنسانِ أو دلالاتِ الهوية مِن ملبسٍ و عاداتٍ وتقاليد البيئة العربية بشكلٍ عام ؛ وقد جسدت ذلك بِمهارتِها وأدواتِها كاللونِ ودرجاتهِ و الظلِ والفراغاتِ مع التوزيع و التناسق لكلِ مُكونٍ إلخ ؛ فضلاً عن خاماتِها ورؤاها الفكرية و الفنية .
و تتضمنُ تجربتِها إهتمامِها بعنصرِ اللون كأحد عناصر اللوحة و ذلك لإدراكِها لأهميتهِ بالنسبة للمُتلقى كبابٍ للولوجِ إلى ما فى اللوحة من دلالاتٍ أُخرى - وبحسبِ ذخيرتهِ القرائية للعملِ الفنى - وإدراكِها هى نفسِها لذلك - دون تقيدها بمدرسة ما - فهى تُدرك أن اللون من أهم عناصر الثورة التأثيرية كما فعل مؤسسوا هذه المدرسة ( كلود مونيه ؛ ورينوار وبول سيزان وغيرهم ) فكانت الأشكالِ الهندسية المنتظمة والمعروفة والغيرِمعروفة والدلالات الناشئة من التقاطعاتِ والتماسِاتِ لهذه الخطوط و الأشكالِ و تبايُنِها ومِن خلالِ تدرجاتِ اللون و هارمونيتِهِ أوتضادهُ ُ والإيحاءاتِ البصرية والفكرية كبابٍ مِن أبواب الولوج لِمسافة جديدة إلي ماهو مُستتر أو كامنٍ.
إن هذا الثراء الإبداعى و تعددهُ يعكسُ ثراءً فى المخزون البصرى الفكرى والوجدانى لدى الفنانة ؛ وايضاً التجريب المُتعدد للمدارس والمذاهب الفنية و إضافاتِها التقنية التى بلغت حد الحِرفية فى التوظيف المُتكامل لأدواتِها و عناصرِلوحاتِها البصرية و الفنية لِتُحقق ذاتية خاصة فى مُجملِ أعمالِها .
إن القراءات المُتعددة و المُختلفة في هذه المطبوعة تؤكد أن الفنانة و مِن خلالِ إبداعاتِها و تقنياتِها لم تعبر فقط كما قال بيكاسو :
" أنا أرسم الأشياء كما أفكر فيها لا كما أراها "
لقد فعلت وأجادت ذلك مِن خلالِ ( تعبيرٍ) بصريٍ وفكرىٍ راقٍ ومُتميز.
ســيــد جــمــعــه
ناقد تشكيلى وأديب
24 / 9 / 2020 م
إضافة تعليق جديد