رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 27 أبريل 2024 6:56 ص توقيت القاهرة

حكاية قرية خرجت بأكملها لجني قطن جارهم بعد وفاة إبنه

د . هدى رأفت

وقف العشرات من فلاحي قرية الكوم الأخضر التابعة لمركز بلقاس بالدقهلية، يلتقطون الصور التذكارية بإبتسامة ترتسم على تقاسيم وجوههم؛ توثيقًا للحظة إنتهائهم من جني محصول القطن الخاص بجارهم "محمد الساهولي" الذي لم يكن حاضرًا معهم في ذلك اليوم، ولا أيّ فرد من أسرته التي ألمت بها مصيبة أودت بحياة نجله الصغير فيما لازال يقبع الإبن الأكبر داخل المستشفى لتلقي العلاج، إثر تعرض الشقيقين لحادث أليم، وذلك الإثنين الماضي.

كان "الساهولي" وابنيه يتجهزون لبدء جنى محصولهم من القطن، لكن القدر لم يُمهلهم لذلك، لوفاة الإبن الأصغر صاحب الـ(16ربيعًا)، وإصابة نجله الأكبر الذي مازال يقبع حتى الآن بمستشفى المنصورة الجامعي، ما أغرق الوالدين في حزن عميق، ألهاهم عن محصولهم الذي جاء موعد قطافه "قررنا نقف جانب عم محمد في مصيبته"، تحكي نهي زيادة إحدى جارات العائلة 

لم تتوقف مؤازرة الأهالي لـ"الساهولي" على تعزيته وزيارة ابنه القابع بالمستشفى، وإنما امتدت لعزمهم على إنقاذ جارهم من هلاك محصوله الذي اكتنفه بالرعاية رفقة أبنائه؛ آملًا في إنتاجٍ وفيرٍ يساعده على إتمام زواج إبنه الأكبر "إحنا قولنا هنجمع القطن كلنا؛ لأن عم محمد ومراته قاعدين في المستشفى جانب إبنهم".

أراد الأهالي أن يشارك الجميع في جني المحصول، فإتبعوا حِيلة بعينها؛ حتى تصل الفكرة إلى القرية بأكملها " الناس ندهت في مساجد البلد بعد صلاة العشاء"، فتجمهر العامة في الشوارع، لتجميع لوازم ومعدات الجني "اللي جاب شكاير، واللي قال هيجي بالتروسيكل بتاعه والجرارات".
ما إن فرغ الأهالي من صلاة فجر اليوم التالي، كانت الجرارات على أهبة الإستعداد لتوصيل الأهالي إلى الأرض لجني المحصول كما خططوا "كانوا حوالي 380 نفر رجالة وستات"، فيما شرعت بعض السيدات من بينهم نهي في إعداد الغداء، ونقله إليهم عقب أن ينتهوا من المهمة "الشغيلة عندنا لازم نجهز لهم الغدا ونوديه الأرض".

قَسَم الأهالي أنفسهم للقيام بالمهمة على أكمل وجه كما لو كان الساهولي وسطهم "ناس كانت بتجمع وناس تشيل على كتفها وتحط على الجرارات"، بينما ظل البعض الآخر يتمتم بالدعاء، من أجل شفاء الابن المُصاب؛ علّ الحزن الذي غيم على الأسرة الصغيرة ينجلي.

كأعضاء الجسد الواحد عمل الأهالي بمجهودٍ كبيرٍ حَسدهم عليه بعض المارة من القرى المجاورة الذين لم يتوانوا عن عرض المساعدة هم أيضًا "كل الناس حتى من برة البلد كان نفسها تساعد"، لكن أيادي القرية كانت كافية للغاية، حتى استطاعوا انجاز المهمة خلال خمس ساعات فقط "الساعة 10 الصبح كنا مخلصين جمع كل الأرض".

إنتهت المهمة، فبدأت الأخرى، إذ شرع الأهالي بحمل المحصول ونقله عن طريق جرارات بعض المتطوعين، فيما ظل بعضهم لنقل الأهالي إلى منازلهم، ما إن يفرغوا من تناول غدائهم الذي أحضرته سيدات من القرية على رؤوسهن "كنا مبسوطين أوي أننا حاولنا نخفف عنه بحاجة بسيطة زي دي".

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.