رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 3 مايو 2024 10:30 ص توقيت القاهرة

عذرًا !! - الجزء الرابع OOPS !! 4

    بقلم: أحلام رحاليّ  
 مراجعة: تامر إدريس
تصل إلى الروضة فتهرول إلى القسم ويتركها الأب في حماستها تلك لتستمتع باللحظة ثم يطلب الإذن للقاء مديرة الروضة وبعد منحه الإذن دخل إلى مكتبها ليذهل بفعل المفاجأة غير المتوقعة وقتئذٍ فقد اكتشف أن مديرة الروضة هي نفسها سميرة التي لطالما رآها تغدو وتروح إلى عملها مستقلة الترامواي بشكل يومي والتي التقاها لتوه منذ أيام في ذلك اليوم المطير.
أهي أنت؟!، أأنت مديرة الروضة، حقا؟!!. سميرة: "نعم، أنا هي المديرة، تفضل بالجلوس، كيف لي أن أخدمك؟". "أنا والد جنى، تلميذة جديدة لديكم، طلبت مقابلتك سابقا لكن لم تتح لي الفرصة لذلك إلا اليوم". "أنت إذا من كنت تنتظرني، ها نحن أخيرا قد التقينا، أسمعك، جنى ابنتك، أهي من رأيتها معك في ذلك اليوم المطير؟". "نعم، إنها هي، ولقائي معك الآن والذي لطالما ترقبته إنما هو لأجلها".
"كيف؟، هات ما عندك، كلي آذان صاغية". "ابنتي مشاكسة قليلا خلافا لطبعي أنا، حركية جدا، ثرثارة بشكل مبالغ فيه، مرحة ذات شغف لكنها تعاني من مشكلة صحية بالغة الخطورة وتمثل تهديدا مباشرا ودائما على حياتها". "أقلقتني حقا!، ما بها؟، صارحني بالحقيقة". "إنها مريضة بالقلب، عضلة قلبها ضعيفة حساسة تجاه أي جهد مضاعف أو نشاط مجهد، قد تأتيها النوبات في أي وقت وتسقط أمام زملائها أو الحضور".
"حزنت جدا لهذا الذي سمعته منه بشأن الرقيقة جنى التي أحببتها منذ الوهلة الأولى واستقرت بقلبي  حتى قبل أن أعرف أنها ابنتك، سلمها الله وحفظها لك، لكن قل لي: لم لا توجد أية وثيقة في ملفها تتحدث عن حالتها الصحية تلك؟!". "لا أريد أن يتشفى أحدهم فيّ أو أن ينظر إلى ابنتي بعين الشفقة لذا طلبت مقابلة المديرة فور قبول ابنتي بروضتكم".
قصّ عيلها الحكاية منذ البداية وهي تنصت باهتمام شديد وتتفكر في كل تفصيلة حتى انتهى من سرده لها ثم عاهدته أن تهتم بها بشكل شخصي في كل شؤونها ووعدته بأن تحتويها وتعتني بها كما لو كانت ابنتها بالضبط. شكر كريم المديرة سميرة بحرارة واستأذنها في رغبته أن يحتسي وإياها فنجانين من القهوة في أي مكان يروقها وفي الوقت الذي يناسبها فأذنت له بذلك ووعدته بأن يكون لهما ذلك اللقاء في أقرب فرصة ممكنة.
مرت أيام ليست بالقليلة حتى ابتسم له القدر من جديد؛ اتصلت به سميرة وأخبرته بأن لديها وقت فراغ الآن يسمح بحدوث مثل ذلك اللقاء بعدما أفاقت من ضغوط مشاغلها المتراكمة منذ فترة، تراقص قلبه طربا لما سمع واستنار وجهه بهجة وسرورا بما بُشِّرَ به. قد أذن لذلك الحب العذري أخيرا بالظهور للعلن، انتقى لها أشهى وأحلى وأغلى مطعم بالمدينة حيث تفوح أزكى روائح الأطعمة وتزدان أروقته بأروع الأصناف الملهمة وتذخر موائده بألذ الأطباق المبهجة، جدرانه تبرق بأضواء ساحرة وتدعمها في الزهو والحسن أجمل اللوحات الفنية المعاصرة، نافورة عملاقة ملونة مياهها تخطف الأنظار في المنتصف شامخة بارزة قائمة، وتتوافر في الأرجاء ألوان شتَّى من الأزهار والورود النضرة اليانعة.
كان قد اختار لأجلهما طاولة في المنتصف تشرف على كل تلك المرائي المبهرة، وطلب بشكل خاص من إدارة المطعم أن يوفروا لهما خصيصا عازفا ماهرا لتطرب آذانهما وقت تناول الطعام بألحانه العذبة الرقيقة الهادئة، وها قد أتت اللحظة الحاسمة خفق قلبه بشدة فور وصول ريحانته الشاذية وقد ارتدت فستانا طويلا زاهيا، شابَّة في عظم أنوثتها وفي كامل زينتها أنارت واستنارت كما الشمس في الإشراق عقب سحب غادية.
مدَّ يده لمصافحتها فاستجابت له وصافحته مودة ولطفا وحبورا ثم ما لبث أن لفت انتباهه خلو يدها من أي علامة على ارتباطها بأحدهم فلا خاتم بأصابع يدها ولا دِبْلَةٌ كما أنها لا ترتدي من الحُلِّي إلا شيئا يسيرا فشعر بسعادة غامرة مفاجئة تسري في جوانحه دون تقدير منه أو تسيير.
قام بسحب كرسيٍّ لها فجلست ثم جلس في مقابلها هو الآخر، سألها عن أحوالها فأخبرته بأنها بخير وعافية. وفجأة استوقفها بقوله: "ولكن اعذريني فيما سأقوله؛ لا أراك سعيدة، ملامحك تخبرني بعكس ما قلته، تبدين متغيرة عن حالك الأولى". "رمقته بنظرة حادَّةٍ لبرهة ثم قالت: نعم، ولكن كيف عرفت؟".
"قلبي هو من أخبرني، روحي هي من همست في ذاكرتي بذلك، وجداني هو من تفطَّن لحالك". "مهلا!، توقف لو سمحت، كفّ عن ذلك وإلا سأغادر المكان". "لا، أرجوك!، لقد منحتني هذه الفرصة بعد عناء وجهد بليغين، حمدت الله أني صادفتك مجددا بعد مضي كل هذا الوقت، لطفا! لا تعاودي الاختباء ولا تركني إلى الانزواء".  يسكت قليلا فتهدأ ثورتها هي أيضا ثم يدفعه الفضول إلى معاودة سؤالها عن السر في خلو أصابع يدها من أي رمز للارتباط فتجيبه قائلة: "لقد انفصلت مؤخرا عمَّن كنت أؤمله توأما لروحي وأعدُّه شريكا لحياتي وأراه رفيقا لدربي".........

 

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.