بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي شمل بخلقه ورحمته ورزقه القريب والبعيد فسبحانه القائل " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين " وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله هو أفضل النبيين والمؤيد بالآيات البينات والحجج الواضحات والبراهين صلى اله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن يوم عاشوراء ومنزلته في الإسلام، ومن الأحداث الجسام في هذا اليوم أيضا هو ما أصاب الأمة المسلمة من مقتل أحد أفاضلها وكبرائها، فقد فجُع المسلمون باستشهاد الحسين بن علي رضي الله عنهما، ولا شك أن مقتله رضي الله عنه مصيبة، يفرح بها العدو ويُساء بها المحب، وقد ساء أهل السنة.
مقتل ريحانة النبي صلى الله عليه وسلم وابن ابنته، ولم يفرح بهذه المصيبة إلا المفسدون والخونة من السبئيين وغيرهم، وإن الشرع المطهر علمنا أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ومع ذلك يحدث في هذا اليوم من منكرات الروافض الشيء الكثير، ويحدث فيه من البدع والمحدثات أمور كثيرة، لا يرضاها شرع ولا يقرها دين، وإنما هي أفعال جاهلية وأمور باطلة، لا ترد ميتا ولا تنصر حقا، بل تولد حقدا وتنشر جهلا وبدعا، فهل يستطيع عقلاء الأمة جمع كلمتها وتوحيد صفها قبل أن تخترم بنيتها وتضيع قوتها؟ فاتقوا الله، فتقوى الله خير وأبقى، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى، وهكذا تتوالى منن الرحمن ومنحه لهذه الأمة، فلا تكاد القلوب تصدأ والذنوب تتراكم حتى يمنّ علام الغيوب بستر العيوب ويتوب على من يتوب، ويأتي اليوم العاشر من المحرم وهو يوم من أيام الإيمان.
ومناسبة تستحق الشكر والعرفان بما شرع الله، لا بما يهوى البشر وفي غمرة الشعور باليأس والإحباط الذي أصاب المسلمين اليوم من جراء تتابع النكبات والشدائد، يأتي يوم عاشوراء ليذكر الأمة أنه لا تقف أمام قوة الله أية قوة، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له "كن فيكون" فإنا نتفيأ هذه الأيام ظلال يوم مبارك، فنتذكر فيه قوة الحق وإن قلّ أتباعه، وانهزام الباطل وإن قويت شوكة أصحابه، فما المناسبات الإسلامية إلا اصطفاء من الله تعالى لبعض الأزمان، وتخصيص لها بعبادات ووظائف، تأتي تلك المناسبات الكريمة، فتحرك الشعور الإسلامي في أهله ليقبلوا على الله عز وجل، فيزدادوا طهرا وصفاء ونقاء، يُقبل شهر الله المحرم فيدعو المسلمين للصيام، حيث يقول صلى الله عليه وسلم "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" رواه مسلم.
وفي الوقت الذي يذكرنا فيه هذا الشهر بهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي بداية ظهور الدعوة وقيام دولة الإسلام، نجد كذلك فيه يوما يذكرنا بانتصار نبي آخر هو نبى الله موسى عليه الصلاة والسلام، وذلك هو يوم عاشوراء العاشر من المحرم، ولقد حبا الله عز وجل هذا اليوم فضلا وضاعف فيه أجر الصيام، ثم كان للناس فيه طرائق، فأدخلوا فيه وأحدثوا وزادوا، إما رغبة في الخير أو مجاراة للناس، وإما اتباعا للهوى وزهدا في السنة، فاللهم وفقنا بحسن الإقبال عليك والإصغاء إليك، وارزقنا ووفقنا للتعاون في طاعتك، والمبادرة إلى خدمتك، وحسن الآداب في معاملتك، والتسليم لأمرك، والرضا بقضائك، والصبر على بلائك، والشكر لنعمائك يا رب العالمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
إضافة تعليق جديد