رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 1 مايو 2025 3:29 ص توقيت القاهرة

لا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله برحمته اهتدى المُهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على محجّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ثم أما بعد يقول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه"
وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها أنه تبيض وجوه أهل السنة والجماعة وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة حيث يقول تعالي " فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون" وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج أنهم "كلاب أهل النار" وقرأ هذه الآية " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه" وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية وفي رواية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان"
واعلموا أن الخوارج هم أول من كفّر المسلمين، فهم يكفرون بالذنوب ويكفرون من خالفهم في بدعتهم ويستحلون دمه وماله وهذه حال أهل البدع يبتدعون بدعة، ويكفرون من خالفهم فيها، وأهل السنة والجماعة يتبعون الكتاب والسنة ويطيعون الله ورسوله، فيتبعون الحق ويرحمون الخلق، ولا يجوز تكفير المسلم بذنب فعله ولا بخطأ أخطأ فيه، كالمسائل التي تنازع فيها أهل القبلة، فإن الله تعالى قال في سورة البقرة "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى أجاب هذا الدعاء وغفر للمؤمنين خطأهم، والخوارج هم المارقون الذين أمر النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم بقتالهم.
وقاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، واتفق على قتالهم أئمة الدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولم يكفرهم الإمام علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهما من الصحابة، بل جعلوهم مسلمين مع قتالهم ولم يقاتلهم علي حتى سفكوا الدم الحرام وأغاروا على أموال المسلمين، فقاتلهم لدفع ظلمهم وبغيهم لا لأنهم كفار، ولهذا لم يسب حريمهم ولم يغنم أموالهم، وإذا كان هؤلاء الذين ثبت ضلالهم بالنص والإجماع لم يكفروا مع أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بقتالهم، فكيف بالطوائف المختلفين الذين اشتبه عليهم الحق في مسائل غلط فيها من هو أعلم منهم؟ فلا يحل لأحد من هذه الطوائف أن تكفر الأخرى ولا تستحل دمها ومالها وإن كانت فيها بدعة محققة، فكيف إذا كانت المكفرة لها مبتدعة أيضا؟ وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ وقد تكون بدعة هؤلاء أغلظ، والغالب أنهم جميعا جهّال بحقائق ما يختلفون فيه.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.