رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 25 أبريل 2024 10:21 م توقيت القاهرة

متى تتوقف حوادث التحرش الجنسي في مصر؟

تحقيق:- د.ايهاب طلعت

 

ازدادت في الآونة الأخيرة حوادث التحرش الجنسي في مصر، و وصلت إلى وقوع تحرش جنسي بشكل جماعي عدة مرات وهي ظاهرة جديدة على المجتمع المصري وتختلف في جوهرها عن حوادث المعاكسات الفردية.

فالتحرش الجنسي لا يعتبر غلطة الشخص المتحرش به أو المعتدى عليه أبدا. فالتحرش بأحدهم هو اختيار يتخذه المتحرش بغض النظر عن ملابس الشخص المعتدى عليه أو تصرفاته

والتحرش الجنسى هو محاوله استثارة امرأة - أو طفل - جنسيًا دون رغبة الطرف الآخر ويشمل اللمس أو الكلام أو المحادثات التليفونية أو المجاملات غير البريئة.

وأشارت نتائج بحث عن التحرش الجنسي وهو بحث ميداني أجري على عينة من الفتيات المتحرش بهن ويتضمن رؤى النخب في قضية التحرش.وركزت الدراسة على العنف الجنسي ضد النساء ما بين أحداث الثورة والثورة المضادة واعتمدت على شهادات ميدانية واستمارات استبيان لعدد من المتحرش بهن كما ركزت على حالات التحرش الجنسي في المدارس والجامعات ومجال العمل والتحرش في الشارع وفي الأسرة .

واستندت الدراسة علي إطار نظري يحاول أن يفسر حدوث الظاهرة مرتكزاَ علي مداخل نظرية نفسية واجتماعية ومن المداخل الاجتماعية مدخل الهيمنة الذكورية ومدخل البناء الاجتماعي للجسد ومن المقاربات النفسية تم الاعتماد علي نظرية الأنشطة الروتينية والسلوك المخطط.

أما علي المستوي المنهجي فقد اعتمدت علي مدخل دراسة المقابلات المقننة للتعرف علي واقع الظاهرة وفي هذا السياق تم إعداد دليلين للمقابلة الأول للفتيات المتحرش بهن والثاني للنخب المقصودة من الدراسة.

 طبقت الدراسة علي مجموعة من حالات المتحرش بهن بواقع 10 حالات ميدانية و27 حالة من النخب الفاعلة في التعامل مع المشكلة منهم 9 من رجال الشرطة و 8 من رجال القضاء و 10 من أساتذة الجامعات للتعرف علي واقع المشكلة من قبل الفتيات والتعرف علي وجهة نظر رجال الشرطة المنوط بهم جمع الاستدلالات وتلقي البلاغات ورجال القضاء المنوط بهم الحكم علي هذه القضايا والجمع بين الرؤي الشرطية والقانونية والثقافية .

 

وحول ما أثير حول الدراسة قالت الدكتورة هدى بدران رئيس الاتحاد العام لنساء مصر: الدراسة لم تهول فى موضوع التحرش الجنسي ولكنها أتت بالواقع الموجود والتى نعيشه ووجود تحرش سياسي أيضاً كما حدث فى ميدان التحرير قبل ذلك .

 وأن الدراسة أيضا توضح لنا الناحية النفسية للمتحرش ليس وجود لذة جنسية فقط  ولكن أحيانا يكون مريض  والذى يعانى من لذة مرضية  ونحن نحتاج إلى دراسة الناحية النفسية للمتحرش بعيدا عن البطالة أو الاقتصاد أو الأسباب الأخرى.

 وأضافت أن الحالة التى تم تعرضت للتحرش فى العناية المركزة بأحد المستشفيات يجعلنا نفتح الباب على الصحة والمستشفيات التى بها الكثير والكثير من المشاكل التى تحتاج إلى الدراسة والحل .

                                  دور كبير

وأشارت الدكتورة سوسن فايد  باحثة بالمركز القومى للبحوث الإجتماعية : أن التحرش الجنسي أصبحت ظاهرة موجودة فى أماكن كثيرة وأيضا أصبح لها مناسبات مثل المناسبات العامة  وكثيراً مانطالب بحلول رادعة .وشملت الدراسة على بعض من المقترحات للحد من تلك الظاهرة  مع معالجة للأسباب التى كان من بينها تربع مصر على قائمة أكثر الدول تعرضا للمواقع الإباحية  بالإضافة إلى الإعلام الذى عليه دور كبير فى قضية التحرش .

قليل جدا

وأوضحت جليلة جمال  المحامية:الدكتورة .سوسن فى دراستها قدمت الأسباب والمبررات لمشكلة التحرش الجنسي فى المجتمع  ولكن المشكلة إننا نعيش فى مجتمع من يقومون بالتبليغ على حالات التحرش قليل جدا لأسباب كثيرة من بينها موروثات المجتمع .

وأضافت : أننا فى مجتمع يحتاج إلى الجرأة للتبليغ عن حالات التحرش مثلما لدى المتحرش تلك الجرأة  كما نحتاج إلى تعديل فى القوانين ومجموعة من القوانين الرادعة .

التواصل الإجتماعى

وترى السفيرة ميرفت التلاوى  الأمين العام السابق  للمجلس القومى للمرأة: إن التحرش الجنسى يعد من أكثر المشكلات التى تواجه الفتيات والسيدات فى الشوارع والأماكن العامة مما يشكل خطرا على أمن وسلامة المجتمع مضيفة أن المجلس قد أولى اهتماما بالغاً بالتوعية بخطورة تلك الظاهرة وضرورة التصدى بحزم لها معربة عن تقديرها للنشاط المكثف من قِبل منظمات المجتمع المدنى التى تبذل جهودا فعّالة على صعيد طرح الآراء والأفكار وتنظيم الوقفات الاحتجاجية والتواجد على شبكات التواصل الاجتماعى مشيرة إلى أن التحرش الجنسى غير قاصر على المجتمع المصرى فحسب بل هناك بلدان عربية مثل تونس تكُثر بها الظاهرة.

قواعد ومعايير

وأشارت الدكتورة عزة كريم أستاذ علم اجتماع بالمركز القومى بالبحوث الجنائية  أن تأثير  الإعلام كبير جدا على المجتمع ويؤثر على الثورات وأن الإعلام يخلق اتجاهات وأفكار ويغير العادات والتقاليد القديمة ويوجهه الرأى العام .

وأن الإعلام سوء سمعة مصر فى التحرش الجنسى ويتاجر بأخلاقيات الشعب المصرى .

مشيرا إلى أن الإعلام له قواعد ومعايير اخلاقية لكن للآسف لا يوجد من يتمسك بالمعايير لذا أصبحت البرامج مرفوضة من المواطنين ويتجاهلون مشاهدتها

 

التحرش الجنسى

وأوضحت الدكتورة فاطمة الزهراء سالم محمود  أستاذ أصول التربية المساعد والسياسات التعليمية قائلة  :الاعتداء الجنسى أصبح ظاهرة تعانى منها الشعوب العربية  وتعد أحد تداعيات ثورات الربيع العربى السلبية تلك الظاهرة البغيضة المستحدثة فى زمن العولمة، والإنترنت، والفضاء المعلوماتى . ولعل أخطر وأبشع أنواع التحرش الجنسى هو التحرش بموظفة تؤدى مهام وظيفتها ، ودورها الاجتماعى داخل المجتمع فتُهان وُيهتك عرضها أو يعتدى عليها جنسياً إما لفظاً أو فعلاً . وما بالنا أن يتسرب ذلك الحدث إلى طاقم التمريض فى المستشفيات العربية لاسيما المصرية ، وتُصاب ملائكة الرحمة بالعدوى البغيضة، والظاهرة التى بحاجة إلى وقفة من المجتمع بأكمله  ألا وهى التحرش الجنسى بالممرضات داخل المستشفيات من قبل المرضى . هكذا ُيقال عنهم "ملائكة الرحمة " لأنهم يتركون منازلهن وكل متعلقاتهن الشخصية وحياتهم الاجتماعية لرعاية وخدمة المرضى ليلاً ونهاراً ، فهم لا يقلون أهمية عن الجندى  فى الجيش الذى يدافع عن المعتدين تاركاً وراءه أسرته ،ومنزله، وليس نصب أعينه سوى الوطن، وحمايته فحسب والموت والشهادة من أجله . نفس الأمر ينطبق على  الممرضة التى تعمل فى المستشفى أو أى مركز خدمى للعلاج هى تسهر وترعى المرضى حتى يتماثلوا للشفاء، ويزول عنهم الداء ، فهى تمارس مهنة لها خصوصيتها وفنياتها ودورها أخطر من الطبيب المعالج لأنها هى المقيمة الدائمة مع المريض أو المريضة وتدرس حالته أو حالتها بالتفصيل ، كيف والحال هذه أن يعتدى عليها أو يتحرش بها جنسياً لفظاً أو جسدياً من قبل المرضى الذين يعانون أمراضاً أخلاقية ، وينظرون إلى الممرضة وطبيعة عملها نظرة متدنية ، وأنها جاهزة لتلبية مطالب المريض فى كل شئ حتى المحرمات الأخلاقية ، وعندما تأبى فعل ذلك ينهال عليها المريض بالسباب والشتائم النابية ، وأنها لا تعمل على خدمته كما ينبغى ، وعندما تشتكى الممرضة ( ملاك الرحمة) يقوم المسئول بحسابها هى ، وترك المريض دونما أى حساب ذلك لأنه مريض فى الأول وفى الآخر ......!!!!!

هكذا يكون المشهد يومياً داخل الكثير من المستشفيات ، وهناك من تشتكى وتعلن احتجاجها عن الوضع والمعاملة السيئة والنظرة الدونية للممرضة ، وهناك من يكتمن الأمر ويتعاملن بشكل غير مباشر مثل اهمال المريض تماماً وعدم رعايته ، أو هوادته كى لا يستفحل الأمر أو أشياء أخرى تحدث وتجاوزات لاداعى للاستطراد فيها لإنها تنذر بإصابة بعض الممرضات بالعدوى غير الأخلاقية ونقع فى دائرة أزمة الضمير .

علاقات جنسية

وأضافت د. فاطمة :السؤال الآن لماذا هذه النظرة المتدنية لملائكة الرحمة ؟ الإجابة على ما أظن تكمن فى بعض الأعمال الدرامية التى صورت الممرضات فى الأفلام والمسلسلات على أنهن فتيات عاهرات يعملن بالمهنة كى يتربحن من المرضى نظير خدمتهن لهم . والأخطر من ذلك بعض الأفلام تصور علاقات جنسية داخل المستشفى مع المريض . كما أن المسلسلات تصف الممرضات على أنهن يلبسن ملابس ضيقة ويضعن مساحيق تجميل كثيرة على وجوههن لاستمالة المرضى اللذين فى أمس الحاجة لهن وبالتالى لا ينسى أبداً المريض من وقف بجواره، وأنقذه من علته فيسدل على الممرضة بالسخاء الشديد والكرم فى كل شئ .

هذه الصورة التى جسدتها الأعمال الدرامية بسذاجة شديدة ولدت عند الكثير ثقافة مدلولها أن مهنة التمريض مهنة بغيضة وغير أخلاقية وأن معظم الممرضات يمارسن البغاء علنةً أو فى الخفاء .

ولكن أين الضمير المجتمعى ، وأين الضوابط القانونية ، وأين القواعد الأساسية لاختيار وتعليم ملائكة الرحمة كى يحافظن على مهنتهن الراقية والزود عنها ضد المحارم والفساد ، والسمعة السيئة ؟ بل أين الرقابة على المستشفيات ؟ وأين التفتيش على ملابس وشكل الممرضات ، والتقارير اليومية عن الأداء ؟ وأين اجراءات استبعاد الممرضات غير الملتزمات أو اللاتى يسلكن سلوكاً منحرفاً ولا يتماشى مع الضوابط الخلقية والقانونية للعمل ؟

وأين قوانين حماية الممرضات من التحرش الجنسى بهن أثناء تأدية عملهن ؟ وأين حقوقهن من قبل المسئولين سواء داخل المؤسسة العلاجية أو من صانعى القرار ؟

تساؤلات كثيرة بحاجة إلى تفعيل على أرض الواقع وإلا أضحى الوضع مأسوى ، وتصبح مؤسساتنا العلاجية بؤرة فساد متجددة داخل المجتمع ، وناقوس خطر يدق الأبواب من جديد .

 

قانون التحرش

وعن قانون التحرش الجنسى يقول المستشار القانونى  جمال زكريا المحامى : يعتبر التحرش الجنسي جريمة وفقا للقانون المصري ويحاكم مرتكبها استنادا إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات. وقد تم بالفعل محاكمة متحرشين فيما سبق وفقا لهاتين المادتين، وتؤكد خريطة التحرش على وجوب الاستمرار في تطبيقهما. وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش -سواء كان لفظيا أو بالفعل، أو سلوكيا أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت- إلى السجن لمدة تترواح ما بين 6 أشهر إلى 5 سنوات بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصري

ويجب أن نعمل على تفعيل واستغلال العقوبات الجديدة المفروضة على جريمة التحرش الجنسي، حيث أن أفضل القوانين صياغةً لا يجدي نفعا على الإطلاق إلا في حالة تفعيله وتطبيقه بشكل سليم. جدير بالذكر أن قوانين الإعتداء لم يتم تفعيلها في السابق وهو الأمر الذي ساعد تدريجيا على خلق فكرة أن التحرش الجنسي ليس جريمة حقيقية. و لكن ذلك لا يغير في شيئ من كُون التحرش الجنسي جريمة. ولذلك تؤمن خريطة التحرش بأننا بحاجة إلى تكوين إجماع مجتمعي قوى ضد هذا السلوك لكي يراه الجميع على أنه جريمة يجب معاقبة مُرتكبها. فإذا استمر المارّة والشرطة، على حد سَواء، في خلق الأعذار للمتحرش ولُوم المُتَحرَّش بهن/م فإن أفضل القوانين صياغةً لن يُجدي نفعاً.

لذلك، يجب علينا السعي لمعرفة تلك القونين والتدخل لمساعدة من يتعرضون للتحرش، وأن نستخدم تلك القوانين من اجل ضمان أن يتحمل المتحرش مسؤولية جريمته.ويحتوي قانون العقوبات أيضا على المادة 278 الخاصة بالفعل الفاضح في المجال العام، والذي يتم استخدامه أحيانا فيما يخص جرائم التحرش الجنسي، بالإضافة إلى المادتين 267 و 268 واللتين تستخدمان للفصل في جرائم أخرى تتعلق بالتحرش الجسدي و بالعنف الجنسي؛ مثل الاغتصاب والاعتداءات الجنسية الأخرى.ولكن هناك مشكلة بخصوص هاتين المادتين، وهي مشكلة من شِقّين: أولاً، أنهما تفتقران إلى آلية إنفاذ جيدة، وثانيا، أن كلتيهما غامض ومحدود في وصف الجرائم التي تختصان بالفصل فيها؛ فالمادة 268 تصف الجريمة على أنها هتك “عرض” أو “شرف” بدلا من وصفها على أنها اعتداء جنسي وجسدي واضح، والمادة 267 تحد اختصاصها فيما يتعلق بالاغتصاب المهبلي باستخدام القضيب. وتبقى جرائم الاعتداء الجماعي، والاغتصاب الشرجي، الاغتصاب الفموي، والاغتصاب عن طريق استخدام أجسام غريبة، بالإضافة إلى أشكال إخرى من العنف الجنسي، غير مجرمة بالشكل اللازم في نص تلك القوانين.هناك جهود كبيرة تم بذلها على مدار السنوات الماضية من أجل صياغة قوانين أكثر شمولا، فيما يخص جرائم العنف الجنسي تضم كل الجرائم التي تتراوح بين التحرش الجنسي إلى الاغتصاب.

الشريعة الإسلامية

وقال الشيخ منصور الرفاعى عبيد وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق : ان الشريعة الاسلامية حافظت علي أعراض النساء من الانتهاك وأوجبت عقوبات علي كل من يقترف هذه الجريمة النكراء تصل الي حد القتل‏‏ لانها تعتبر إفسادا للمجتمع وتهديدا لأمنه‏.‏ كما ان الشريعة الإسلامية وضعت تشريعات للحفاظ علي المرأة وصيانة عفتها‏‏ و منها عدم الاختلاط وتحريم الخلوة‏‏ وإلزام المرأة بالزي الإسلامي الذي لا يصف ولا يشف ولا يكشف‏.‏ و أخيرا فإن من اختطف امرأة مكابرة فهو محارب لله‏‏ وممن يسعي في الأرض بالفساد وهو مشمول بقوله تعالي‏:‏ (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)‏

مشيرا إلى أن من مقاصد الإسلام الكبرى التي جاء لحفظها الكليات الخمس ومنها حفظ النسل إن مقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم فكل من يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها مصلحة وتحريم تفويت هذه الأصول الخمسة والزجر عنها يستحيل ألا تشتمل عليها ملة من الملل وشريعة من الشرائع التي أريد بها إصلاح الخلق.

 

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.