رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 27 أبريل 2024 7:51 م توقيت القاهرة

محمد عبد العظيم يكتب  : الرسول والشباب    

   

بقلم : محمد عبد العظيم

الحمد لله رب العالمين لايسأم من كثرة السؤال والطلب سبحانه إذا سئل أعطى وأجاب  وإذا لم يسأل غضب يعطى الدنيا لمن يحب ومن لا يحب  ولا يعطى الدين إلا لمن أحب ورغب.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وإليه المنقلب  هو المالك  وهو الملك  يحكم ما يريد فلا تعقيب ولا عجب 

وأشهد أن خاتم المرسلين هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب  نطق بأفصح الكلام  وجاء بأعدل الأحكام وما قرأ ولا كتب.

  إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبله وايم الله إن كان لخليقا للإمرة وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا لمن أحب الناس إلي بعده"

هكذا دافع النبى صلى الله عليه وسلم عن الشباب وقدراتهم وأعطاهم الثقة وحملهم المسئولية ورباهم على ذلك

لماذا الشباب ؟  يخبرنا الله تعالى  أن هذه المرحلة من العمر مرحلة القوة التي يعيشها الإنسان بين مرحلتي ضعف، قال تعالى الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) الروم 54

لذلك ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عناية خاصة حتى يضبط فوران القوة والشهوة ويوظفها الى ما ينفع الفرد والمجتمع  بطريقتين الاولى : بالتوجيه المباشر  والثانية: بالقدوة وذلك بعد دراسة جيدة لقدرات كل فرد ومهارته انظر اليه صلى الله عليه وسلم يأتيه الانصار للبيعة قبل الهجرة فمن يرسل معهم ليعلمهم ويبلغهم الدين ؟ يرسل مصعب بن عمير شاب من شباب المسلمين و كان مصعب بن عمير رضى الله عنه يتصف باللباقة والكياسة والهدوء والصبر وسعة الصدر والحلم والعلم وهذه مؤهلات الداعية الناجح . وتظهر دقة اختيار النبى صلى الله عليه وسلم فى النتيجة حيث أمن الانصار كلهم على يد مصعب .

و عن مالك بن الحويرث قالأتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقا فلما ظن أنا قد اشتهينا أهلنا أو قد اشتقنا سألنا عمن تركنا بعدنا فأخبرناه قال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم وذكر أشياء أحفظها أو لا أحفظها وصلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم" رواه البخارى

وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم احس انه اعطاهم دورة كافية وأنهم اشتاقو الى اهلهم وهنا تظهر عظمة القائد فى تتبع ادق تفاصيل الرعيه ويعلمهم انهم بالتوجيه بالقدوة اذا اصبحتم مسئولين فتفقدوا من تسؤلون عنهم هذا أولا.

 اما ثانيا : فى قوله " وليؤمكم أكبركم" أن لا تأخذهم قوة الشباب والزهو بالنفس فيتنكرون لكبارهم

وهذا زيد بن ثابت رضى الله عنه يقول ذهب بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجب بي فقالوا يا رسول الله هذا غلام من بني النجار معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال يا زيد تعلم لي كتاب يهود فإني والله ما آمن يهود على كتابي قال زيد فتعلمت كتابهم ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه وأجيب عنه إذا كتب . عرف رسول الله مهارات زيد فوجهه مما أثر فى حياة زيد بن ثابت وعاد بالنفع عليه وعلى الأمة كلها  فكان أحد فقهاء الصحابة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفرض أمتي زيد بن ثابت "اى أعلمهم بالمواريث بل يوكل اليه ابو بكر وعمر رضى الله عنهما اعظم مهمة فجمع القرآن في المصحف .

ويراعى رسول الله صلى الله عليه وسلم احتياجات الشباب حتى فى اثناء الحرب والحاجة الى قوتهم  فيقول ابو سعيد رضى الله عنه محدثا عن شاب كان معهم فى غزوة الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن بأنصاف النهار قيرجع الى أهله فاستأذنه يوما فقال "خذ عليك سلاحك فإنى أخشى عليك قريظة" وأما رجوعه إلى أهله فليطالع حالهم ، ويقضي حاجتهم ، ويؤنس امرأته ، فإنها كانت عروسا كما ذكر في الحديث

إن من أعظم مهماته عليه الصلاة والسلام في الحياة أنه كان مربياً يأتيه الشباب يشكون ما يجدون دون خوف لأنهم يعلمون انه لهم أب حانا عن أبو أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ قال: إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي بالزنا فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا : مه مه فقال (( ادنه فدنا منه قريبا)) قال : فجلس قال (( أتحبه لأمك ؟)) قال : لا والله جعلني الله فداءك قال (( ولاالناس يحبونه لأمهاتهم)) قال (( أفتحبه لابنتك ))قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال (( ولاالناس يحبونه لبناتهم)) قال : ((أفتحبه لأختك)) قال : لا والله جعلني الله فداءك قال ((ولاالناس يحبونه لأخواتهم)) قال (( أفتحبه لعمتك)) قال : لا والله جعلني الله فداءك قال (( ولاالناس يحبونه لعماتهم ))قال : ((أفتحبه لخالتك)) قال : لا والله جعلني الله فداءك قال ((ولاالناس يحبونه لخالاتهم)) قال : فوضع يده عليه وقال (( اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه)) فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.رواه احمد وصححه الألبانى

وجم الصحابة، واستنكروا هذا الكلام بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام  لأنه فعل رجل مستهتر في الظاهر، فماذا فعل عليه الصلاة والسلام؟ -قال: دعوه- ثم أتى إليه بحوار العقل والإقناع، ولم يشهر به، ولم يعنفه ولكن بأبى وأمى انت يارسول الله ما أعظمك من طبيب يداوى عيبه باللين أين نحن منه .

يتفقد الفقير من الشباب ويبحث له عن عروس ويزوجه وكما روى أبى برزة الأسلمى" كَانَتْ الْأَنْصَارُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا حَاجَةٌ أَمْ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ فَقَالَ نِعِمَّ وَكَرَامَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَنُعْمَ عَيْنِي فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي قَالَ فَلِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِجُلَيْبِيبٍ قَالَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُشَاوِرُ أُمَّهَا فَأَتَى أُمَّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ابْنَتَكِ فَقَالَتْ نِعِمَّ وَنُعْمَةُ عَيْنِي فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ إِنَّمَا يَخْطُبُهَا لِجُلَيْبِيبٍ فَقَالَتْ أَجُلَيْبِيبٌ ابْنَهْ أَجُلَيْبِيبٌ ابْنَهْ أَجُلَيْبِيبٌ ابْنَهْ لَا لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تُزَوَّجُهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ لِيَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ بِمَا قَالَتْ أُمُّهَا قَالَتْ الْجَارِيَةُ مَنْ خَطَبَنِي إِلَيْكُمْ فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّهَا فَقَالَتْ أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ ادْفَعُونِي فَإِنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْنِي فَانْطَلَقَ أَبُوهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ قَالَ شَأْنَكَ بِهَا فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا قَالَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ لَهُ قَالَ فَلَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَفْقِدُ فُلَانًا وَنَفْقِدُ فُلَانًا قَالَ انْظُرُوا هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا لَا قَالَ لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا قَالَ فَاطْلُبُوهُ فِي الْقَتْلَى قَالَ فَطَلَبُوهُ فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَا هُوَ ذَا إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عَلَيْهِ فَقَالَ قَتَلَ سَبْعَةً وَقَتَلُوهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ وَضَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَاعِدَيْهِ وَحُفِرَ لَهُ مَا لَهُ سَرِيرٌ إِلَّا سَاعِدَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ غَسَّلَهُ قَالَ ثَابِتٌ فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا وَحَدَّثَ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ثَابِتًا قَالَ هَلْ تَعْلَمْ مَا دَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الْخَيْرَ صَبًّا وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا كَدًّا قَالَ فَمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقَ مِنْهَا.

إن الذي ينقص كثيراً من المسلمين اليوم هو: القدوة: وكيف نبني قدوة يلتمس الشاب قدوة يقتدي بها في المجتمع القدوة التي تعمل بما تقول، القدوة التي يحس بها الشاب، لأن إلقاء المعلومات على الشباب لا يكفي لكن يجب ربطة بتعامل يقول أحد السلف: كنت إذا وهنت في العبادة، وكسلت فيها ذهبت إلى محمد بن واسع الأزدي، فنظرت في وجهه فتنشطت على العبادة أسابيع. فقط في النظر هكذا. ويقولون: كان محمد بن واسع إذا رُئي ذُكر الله.

هذا محمد بن واسع، وهو صاحب قتيبة بن مسلم يوم صفوا في حدود كابل، يوم أتى قتيبة بن مسلم يفتح تلك المنطقة، وقبل المعركة بدقائق قال قتيبة: التمسوا لي محمد بن واسع، فأتوا إلى محمد بن واسع، فوجدوه قد ركز الرمح وهو يشير بإصبعه يا حي يا قيوم! انصرنا، فعادوا إلى قتيبة فأخبروه قال: "والله لإصبع محمد بن واسع خيرٌ عندي من ألف سيف شهير، وألف شاب طرير" وانتصر المسلمون.

يقول ابن القيم:بالليل عباد وعند لقائهم لعدوهم من أشجع

وكان صلى الله عليه وسلم يتجنب السب والشتم والتشهير فكان صلى الله عليه وسلم يصرح بالخطأ دون المخطئ .

روى البخارى " أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ " رسول الله يرى رجالا يعرفهم بالاسم لا يسميهم ويقول ما بال اقوام.

وروى البخارى من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فرخص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فخطب، فحمد الله ثم قال: "ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية"

وقال الامام النووى في قوله صلى الله عليه وسلم: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا": )هو موافق للمعروف من خطبه صلى الله عليه وسلم في مثل هذا أنه إذا كره شيئا فخطب له ذكر كراهيته ولا يعين فاعله، وهذا من عظيم خلقه صلى الله عليه وسلم, فإن المقصود من ذلك الشخص وجميع الحاضرين وغيرهم ممن يبلغه ذلك ولا يحصل توبيخ صاحبه في الملأ( .

ورحم الله الامام الشافعى حين قال

تعمدني بنصحك في انفرادي ..... وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ....   . من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي .....  فلا تجزع إذا لم تعط طاعه

وكان صلى الله عليه وسلم ينهر الشباب اذا ارادوا استغلال قربهم منه فى الشفاعة فى حد من حدود الله حديث عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة ابن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتشفع في حد من حدود الله! ثم قام فاختطب ثم قال: إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها" رواه البخارى ومسلم .

أسأل الله تعالى ان يعلمنا ما جهلنا ويجعلنا ممن يدلون عباده عليه وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم

تصنيف المقال : 

التعليقات

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.