رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 9 يونيو 2025 2:29 ص توقيت القاهرة

ندم أم المؤمنين عائشة علي موقعة الجمل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد، ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، ولقد أثنى عليها الصحابي الجليل أسامة بن زيد رضي الله عنه خيرا وقال " يا رسول الله أهلك وما نعلم منهم إلا خيرا" وذلك حين سأله الرسول صلي الله عليه وسلم عنها بعد حادثة الإفك، ودعا رسول الله صلي الله عليه وسلم بريرة جاريتها يسألها عن عائشة رضي الله عنها، فقالت " والله ما أعلم إلا خيرا، وما كنت أعيب على عائشة شيئا إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه، فتنام عنه، فتأتي الشاة فتأكله" وكما كانت لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مكانتها عند بقية الأمة، 

فعن مسروق قال "نحلف بالله لقد رأينا كبار الصحابة يسألون عائشة عن الفرائض" وقال عطاء بن أبي رباح "كانت عائشة رضي الله عنها أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة " وقال هشام بن عروة عن أبيه "ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرا" وقال الزهري " لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل" وهذا الأحنف بن قيس يقول سمعت خطبة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، فما سمعت الكلام من في مخلوق أحسن ولا أفخم من في عائشة رضي الله عنه" وعن سفيان قال سأل معاوية زيادا أي الناس أبلغ؟ قال أنت يا أمير المؤمنين، قال أعزم عليك، قال فإذا عزمت علي فعائشة.

فقال معاوية ما فتحت بابا قط تريد أن تغلقه إلا أغلقته ولا أغلقت بابا قط تريد أن تفتحه إلا فتحته " وقد نقل عنها وحدها ربع الشريعة على ما يقول الحاكم في مستدركه، وحين يرد اسم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أول ما يخطر على البال عظمتها في حفظ العلم ونقله وفهمه وتعليمه، وهو أمر عظيم وفريد في عالم النساء، لكن ليست هذه فحسب جوانب عظمة هذه الشخصية الرائعة وإنما كانت أمنا عائشة رضي الله عنها شخصية متكاملة متميزة من النساء قل أن تجد لها نظير في كل شيء وذلك ما أفصح عنها من عرفها وتعامل معها، وهذا نذر يسير من جوانب عظمة شخصيتها علنا ندرك قدرها ونزداد حبا وولاء لها فعن عمارة بن عمير عمن سمع عائشة كانت إذا قرأت قول الحق سبحانه وتعالي.

" وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " بكت رضي الله عنها حتى تبل خمارها ندما على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل، فقد ندمت على أمر إجتهدت فيه وهي أهل للاجتهاد، ولكن ترتب عليه أمر ساء المسلمين رغم أنها ما أردت إلا خير المسلمين وما قصدت إلا مصلحة الدين، فما ماريت يوما في أفضلية علي الإمام على رضي الله عنه من بقي من الصحابة حينها، وما نازعته يوما في الخلافة ولارأيت أحدا حينها أحق بها منه، وما أرادت شيئا لنفسها أو مصلحة لذاها وإنما رأيت أن المناسب والأفضل للإسلام والمسلمين أن يعاقب قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه أولا على فعلتهم حتى لا تقوى شوكتهم ويستفحل أمرهم. 

فيهلكون الحرث والنسل ويعيثون في الأرض فسادا ولم تكون رضي الله عنها وحدها من رأيت ذلك الرأي بل رآه الكثير من الصحابة وأمهات المؤمنين بل وبعض آل البيت كالزبير بن العوام رضي الله عنه، لكن الإمام علي رضي الله عنه كان يرى أن يؤخر معاقبة قتلة عثمان حتى تستقر الأمور وتستتب في البلاد لكيلا تكون نهبة للأعداء، والتقت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها هي ومن كان على رأيها من الصحابة عند معاوية بن أبي سفيان وهو قريب عثمان بن عفان ووليه وإتفقوا على الذهاب للإمام علي رضي الله عنه للتحدث معه في الأمر، وأشعل المنافقون نار الفتنة، فأخبروا الإمام علي رضي الله عنه أن معاوية وعائشة رضي الله عنهما، ومن معهما قد خرجا لقتاله، فخرج إليهم يستكشف الأمر، والتقا الجمعان وتحادثا في البداية وإتفقا. 

لكن ذلك لم يكن ليرضي المنافقين، فأطلق بعضهم السهام فنشب القتال وحدثت فتنة، وبعد توقف القتال ندم الفريقان وفُتح باب خلاف في وجهات النظر بين الإمام علي ومعاوية وإعتزلت السيدة عائشة رضي الله عنها الأمر وكانت تتذكره وتبكي، فما أروع تجردها وغيرتها لأجل الإسلام والمسلمين، وألا لعنة الله على من يزورون التاريخ ويطمسون الحقائق ويلبسون الحق بالباطل ويتهمون الصالحين المصلحين.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.