رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 4 مايو 2025 7:05 ص توقيت القاهرة

وددت أنى لقيت إخواني الذين آمنوا ولم يروني.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد قال الحسن بن الفضل لم يجمع الله لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قال فيه " بالمؤمنين رؤوف رحيم " وقال في نفسه "إن الله بالناس لرؤوف رحيم " فلما فقده الجذع الذي كان يخطب عليه قبل إتخاذ المنبر حن إليه وصاح كما يصيح الصبي، فنزل إليه صلى الله عليه وسلم فاعتنقه فجعل يهذي كما يهذي الصبي الذي يسكن عند بكائه، فقال صلى الله عليه وسلم " لو لم أعتنقه لحنّ إلى يوم القيامة " وكان الحسن البصري إذا حدث بهذا الحديث بكى وقال هذه خشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه، وما أشد حبه لنا، فقد تلا النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل في إبراهيم عليه السلام " رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه منى ومن عصاني فإنك غفور رحيم" وقول نبي الله عيسى عليه السلام " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " فرفع يديه وقال " اللهم أمتي أمتي " وبكى، فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه السلام فسأله، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما قال، فأخبر جبريل ربه وهو أعلم، فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد، فقل إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك، وكما أن كمال الإيمان في محبته، فقال صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " وقد تمر علينا هذه الكلمات مرورا عابرا.
لكنها لم تكن كذلك مع رجل من أمثال عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذي قال يا رسول الله لأنت أحب إلى من كل شئ إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا، والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك " فقال عمر فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " الآن يا عمر " وقال الخطابي " فمعناه أن تصدق في حبي حتى تفنى نفسك في طاعتي، وتؤثر رضاي على هواك، وإن كان فيه هلاكك " وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثلى كمثل رجل استوقد نارا، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي يقعن فيها، وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها " فما أشد حب رسولنا لنا، ولأنه يحبنا خاف علينا من كل ما يؤذينا، وهل أذى مثل النار؟ ولما كان الله عز وجل قد أراه النار حقيقة.
كانت موعظته أبلغ وخوفه علينا أشد، ففي الحديث " وعرضت على النار فجعلت أتأخر رهبة أن تغشاني " وفى رواية الإمام أحمد " إن النار أدنيت منى حتى نفخت حرها عن وجهي " ولذلك كان من الطبيعي أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته وإشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول " صبحكم ومساكم " ولأنه لم يرنا مع شدة حبه لنا وخوفه علينا كان يود أن يرانا فيحذرنا بنفسه، لتكون العظة أبلغ وأنجح، فقال صلى الله عليه وسلم " وددت أنى لقيت إخواني الذين آمنوا ولم يروني " ولم يكتفي بذلك بل لشدة حبه لنا اشتد إلحاحه لنا في أن نأخذ وقايتنا وجنتنا من النار.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.