الحمد لله وكفى والصلاة على النبي المصطفى ومن بآثاره اقتفى، وبعهد الله وفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي أن العابد داعي كما أن السائل داعي، وبهما فسر قول الحق سبحانه وتعالى " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم " قيل أطيعوني أثبكم، وقيل سلوني أعطكم، وفسر بهما قوله تعالى " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان" والصواب أن الدعاء يعم النوعين، وهذا لفظ متواطئ لا اشتراك فيه، فمن إستعماله في دعاء العبادة قوله تعالى " قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض" وقوله تعالى " والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون" وقوله تعالى "قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم" والصحيح من القولين لولا أنكم تدعونه وتعبدونه، بمعني.
أي شيء يعبأ بكم لولا عبادتكم إياه، فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل، وقال تعالى " ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا" وقال تعالى إخبارا عن أنبيائه ورسله " إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا " وهذه الطريقة أحسن من الطريقة الأولى ودعوى الإختلاف في مسمى الدعاء وبهذا تزول الإشكالات الواردة على اسم الصلاة الشرعية هل هو منقول عن موضعه في اللغة فيكون حقيقة شرعية أو مجازا شرعيا، فعلى هذا تكون الصلاة باقية على مسماها في اللغة وهو الدعاء، والدعاء دعاء عبادة ودعاء مسألة والمصلي من حين تكبيره إلى سلامه بين دعاء العبادة ودعاء المسألة، فهو في صلاة حقيقية لا مجازا ولا منقولة، لكن خص اسم الصلاة بهذه العبادة المخصوصة.
كسائر الألفاظ التي يخصها أهل اللغة والعرف ببعض مسماها كالدابة والرأس ونحوهما، فهذا غايته تخصيص اللفظ وقصره على بعض موضوعه، ولهذا لا يوجب نقلا ولا خروجا عن موضوعه الأصلي والله أعلم" وكما أن الصلاة بمعنى الدعاء، وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم "إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائماً فليصل" فقوله "فليصل" يعني فليدع لأرباب الطعام بالبركة والخير والصائم إذا أكل عنده الطعام صلت عليه الملائكة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم " من صلى علي صلاة صلت عليه الملائكة عشرا" وكل داعي فهو مصلي، والصلاة بمعنى الإستغفار كحديث السيدة سودة رضي الله عنها أنها قالت يارسول الله إذا متنا صلى لنا عثمان بن مظعون حتى تأتينا ؟ فقال " لها إن الموت أشد مما تقدرين"
وعن أبي حميد الساعدي، أنهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم " قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك؟ فقال صلي الله عليه وسلم "قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"
إضافة تعليق جديد