رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأحد 6 يوليو 2025 9:30 م توقيت القاهرة

ولو شئنا لرفعناه بها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ثم أما بعد إن مع الجهل والفرقة والخلافات والصراعات نحن هابطون يوميا ولا إرتفاع أبدا، والسلم الرافعة هي قال الله وقال رسوله، واسمعوا الدليل من القرآن الكريم من سورة الأعراف " واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين، ولو شئنا لرفعناه بها " فالرافعة هي آيات الله، كما قال تعالى " ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلي الأرض واتبع هواه " أي بمعني ولو إتبع عقله لأنقذه عقله. 

عن المهاوي المهالك،  فمثله ليس كمثل الأسد، وإنما " كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث " وهذا والله لينطبق على هذه الأمة في عصور هبوطها، فلا رفعة لنا بغير الكتاب والسنة، ومن شك أضرب له مثلا وإن كنتم لا ترضون عنه لضعفكم، فكان الحاج يبتع ما يسمى بالوجدة الذهبية حتى لا تؤخذ منه، وكانت الأشجار والقبور تعبد في كل مكان، ولا إسلام بالمرة، ثم ظهرت فيها آية من آيات الله لتكون عنوانا بارزا لمن أراد الهداية، فجاء هذا الرجل، وكان لاجئا بعيدا عن الجزيرة، وأقام دولة، وأخذ من ستة آلاف ومائتين وأربعين آية من القرآن آية واحدة، وضعها الله لتقوم عليها الدولة، فيتحقق الأمن والطهر والصفاء، وهي كما جاءت في سورة الحج " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر " 

وما إن ظهرت حتى أصبح الرجل يمشي من مكه إلي المدينة لا يخاف إلا الله، في الوقت الذي كانوا يأكلون بعضهم بعضا، أكثر والله من الجاهلية الأولى قبل الإسلام، وساد طهر وصفاء لم يوجد في أي مكان من العالم، ولم تكتحل عين الدنيا بمثله، وتحقق مراد الله، وأقيمت فيه حدود الله، وشرع الله، وأقيمت الصلاة، وكانت الزكاة يومها صاع الشعير والضأن، ولم يكن عندهم شيء، ولكنهم أطاعوا أمر الله تعالي، ولو أقيمت الصلاة فقط فوالله إن نصف الباطل يموت تلقائيا، ولكننا لا نتحرك لأننا أموات غير أحياء، وصدق الله العظيم عندما قال تعالي " واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها " كالذي ينسلخ من ثوبه، وكالثعبان ينسلخ من ثوبه، ويترك ثوبه أبيض لماعا، ويمشي أسود بسمه، وكذلك هؤلاء أبعدوا القرآن الكريم عن المحاكم، ووضعوه وراءهم، ووضعوه على القبور والموتى. 

وليس هناك إنسلاخ أفظع من هذا الإنسلاخ، فقد آتيناه فضلا منا ورحمة آياتنا فانسلخ منها، ولما إنسلخ منها زالت المناعة والحصانة فأتبعه الشيطان، وأيام كان القرآن في يده لم يستطيع له الشيطان، ولما تخلى عنه القرآن أتبعه الشيطان " فكان من الغوين " والغواية هو الخبث والسفول والهبوط وكل نتن، وهذه هي الغواية، ثم يقول رب العزة سبحانه وتعالي " ولو شئنا لرفعناه بها " أي بالآيات، لا بالاشتراكية ولا بالماركسية ولا بالديمقراطية ولا بالعلمانية، ولا يمكن لأمة أو إقليم أو فرد أن يرتفع بدون القرآن، ووالله ما كان هذا ولن يكون " ولو شئنا لرفعناه بها " ولكن لم يشاء الله لأنه انسلخ منها وأعرض عنها، ومن أعرض أعرض الله عنه " ولكنه أخلد إلي الأرض " والخلود إلى الأرض هو التفكير في المال والطعام والشراب واللباس والنكاح، وعدم النظر إلى السماء أبدا. 

ولا الإندفاع إليها، ولا الادخار لها " واتبع هواه " وهذه محنة، ولو إتبع عقله لفكر في هبوطه وسقوطه، ولعاد ككواكب السماء في طهره وصفائه، ولكنه " فمثله كمثل الكلب " وهذا القرآن يقول هذا، وشبهه بالكلب لأن الكلب " إن تحمل عليه يلهث " ووالله ما ينتهي لهاث المسلمين حتى يعودوا إلى القرآن، وحيرتهم وتبعيتهم لازمة لهم حتى يعودوا إلى القرآن، والكلب إذا وضعته تحت شجرة وعنده الماء البارد والظل فهو يلهث، ولو جريت وراءه تطارده فلسانه يلهث، ولا يستريح من اللهاث، ووالله لن يستريح المسلمون إلا إذا عادوا إلى كتاب الله وسنة رسوله، ولن ينتهي لهثهم وتبعيتهم وذلتهم إلا بهذا.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
5 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.