رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 28 أغسطس 2025 3:25 م توقيت القاهرة

إياكم من إتساع رقعة الشقاق

بقلم / محمـــد الدكـــروري 

الحمد لله كثيرا كما يجزل كثيرا، والشكر لله كثيرا كما ينعم كثيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ربا برا كريما، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله نبيا رؤوفا رحيما صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد فاتقوا الله عباد الله ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، فالدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن ثم أما بعد أيها المسلمون كم كانت الأمم والشعوب قبل البعثة المحمدية، تغط في ظلم عميق وتغوص في جهل سحيق، في ظلمات ظلماء وجاهلية جهلاء، لقد سادت في تلك الحقبة من الزمن أمورا وعادات ظالمة قاسية باطلة، أثرت سلبا على مجريات الحياة إبان ذاك، فهضمت الحقوق وسلبت الأموال، وإنتهكت الأعراض وقتلت الأنفس، وسادت الحزبية القبلية الجاهلية، وكثر الخصام وإنعدم الوئام وزادت مساحة النفاق وإتسعت رقعة الشقاق. 

فعمت الفوضى وكثرت اللأوى فرحم الله تعالي البشرية بأن أرسل إليهم أفضل البرية، محمدا صلى الله عليه وسلم، ليخرجهم من ظلمات الجهل، إلى نور العلم، فقضى على معالم الوثنية، وأبطل عادات الجاهلية، واجتث جرثومتها واستأصل شأفتها، فتاقت النفوس لهذا الدين الإسلامي العظيم، الذي حفظ للناس كرامتهم، وصان أعراضهم وحصن فروجهم، ووحد صفوفهم وأعطى كل ذي حق حقه، قال تعالى " قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " فيا أيها المؤمنون عباد الله مما إنتشر في بلاد المسلمين، من أمور محرمة والتي هيأت لها بعض النفوس بالتمكين، وعمل لها الشيطان الرجيم، ظهور الحقد والغل. 

وإنتشار الكراهية والبغضاء بين الناس، فساد مجتمعات المسلمين القطيعة والشحناء وعمت بها ربوع كثير من البلاد، فأصبحت القلوب في ضيق ونكد، وفي تعب ونصب، لقد أصبح الابن يبغض أباه، والأخ يكره أخاه والقريب يظلم قريبه والجار يكيد لجاره، وكل ذلك بسبب أطماع دنيوية دنيئة، من أجل حفنة من تراب أو شبر من خراب، من أجل قطعة من أرض أو بضعة من غرض، إن مثل تلك العادات يمقتها رب الأرض والسموات، فيقول الله تعالى " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " لقد قطعت أواصر المحبة والمودة بين الناس بسبب تلك الأطماع، وبسبب حب الدنيا وزينتها وزخرفها وبهرجتها، ولقد مزقت وشائج صلة الأرحام، بسبب حب الأرض وما فيها من دمار. 

يحسبون أنهم سيخلدون في هذه الحياة، والله من فوق سبع سموات قال لهم " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون " ولقد حذر المولى جل وعلا من الركون إلى الدنيا، أو إتخاذها وطنا وسكنا، وأنها غادرة ما كرة، فقال تعالى " إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون " هذا هو الجزاء الأوفى لمن ركن إلى الدنيا، ورضيها من دون الأخرى، أن يكون مصيره إلى النار والعياذ بالله، فيا أيها المسلمون إن الإسلام يدعو أهله إلى الألفة والمحبة والمودة، وتقوية الأواصر والتفاني من أجل خدمة المسلم لأخيه المسلم والتواضع لله ولعباده، فمن تواضع لله رفعه ومن تعاظم على الله وضعه، فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره، بل كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه.

هكذا جاء على لسان نبيكم المصطفي صلى الله عليه وسلم، ويقول ربكم تبارك وتعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه " متفق عليه، فأين تطبيق تلك الآيات وأين العمل بتلك الأحاديث الكريمات، أم أننا نسمع ولا نعقل؟ أم أننا ننصت ولا ندرك ؟ أين المحبة اليوم ؟ أين الإيثار اليوم ؟ أين الاخوة اليوم ؟ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " متفق عليه.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 18 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.