كتب ضاحى عمار
يفتح المتحف المصري الكبير أبواب مرحلة جديدة تضعه في صدارة المؤسسات الثقافية التي تجمع بين أصالة الماضي ورؤية المستقبل. فالمتحف الذي يستعد العالم لافتتاحه، لم يعد مجرد صرح أثري يضم أعظم كنوز الحضارة المصرية، بل بات نموذجًا عالميًا يوازن بين الحفاظ على التراث والالتزام بالمسؤولية البيئية.
ويأتي هذا التوجه بعد حصول المتحف على اعتماد تقرير الانبعاثات الكربونية من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، بالتعاون مع المجلس الوطني للاعتماد، وهو ما يعكس التزامًا صارمًا بتطبيق أعلى المعايير الدولية في قياس الانبعاثات الناتجة عن التشغيل. وأكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، أن هذه الخطوة تؤسس لفلسفة جديدة تجعل من المتحف مؤسسة مسؤولة بيئيًا واجتماعيًا إلى جانب رسالته الثقافية.
ويتفق الخبراء السياحيون على أن هذه الخطوة تضيف بعدًا جديدًا لصورة مصر عالميًا. إذ يرى الدكتور ياسر توفيق، المتخصص في التسويق السياحي، أن المتحف المصري الكبير لا يجذب الزائر بآثاره الفريدة فقط، بل يقدم له تجربة متكاملة تراعي البيئة، وهو ما يجعله نقطة جذب رئيسية للسائح الأوروبي والآسيوي
ويشير الخبير أحمد الجمل إلى أن الاعتماد البيئي سيعزز من فرص المتحف في التسويق الدولي، خاصة في ظل الطلب المتنامي على السياحة المستدامة، مضيفًا أن الخطوة تمثل ميزة تنافسية لمصر في سوق عالمي يبحث عن وجهات ثقافية مسؤولة.
أما من منظور السياحة المستدامة، فتؤكد الدكتورة منى مصطفى أن التجربة تصلح أن تكون نموذجًا يمكن تطبيقه في باقي المواقع السياحية المصرية، حيث يظهر المتحف أن الجمع بين الأصالة والوعي البيئي ممكن بل ومطلوب في المرحلة المقبلة.
ولا شك أن هذا الاعتماد يمثل رسالة قوية للعالم بأن مصر تعيد صياغة صورتها السياحية بما يتماشى مع معايير القرن الحادي والعشرين. فالمتحف لا يقدم مجرد عرض لمقتنيات أثرية، بل يمنح الزائر تجربة عصرية تعليمية وثقافية وترفيهية، في بيئة متكاملة تحترم الطبيعة وتلبي توقعات السائح الحديث.
ومع اقتراب لحظة الافتتاح، يترقب العالم حدثًا استثنائيًا سيعيد تشكيل المشهد السياحي المصري. فالمتحف المصري الكبير، بما يحمله من توازن بين الماضي المجيد والرؤية المستقبلية، يعكس أن الحضارة المصرية قادرة على أن تلهم العالم مرة أخرى، ليس فقط بتاريخها العريق، بل أيضًا بقدرتها على التكيف مع متطلبات الحاضر.
إنه مشروع يؤكد أن التراث حين يقترن بالاستدامة يصبح قوة مضاعفة، وأن مصر تسير بخطى واثقة لتكون في قلب السياحة العالمية بمفهومها الحديث، حيث الحضارة والبيئة يسيران جنبًا إلى جنب.
إضافة تعليق جديد