رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 27 يوليو 2024 1:31 م توقيت القاهرة

التركيبة السحرية!!! قصة قصيرة

بقلمي : ياسر عامر

  استيقظ من غفلته مفزوعا... لم يميز في بداية الأمر ما يحدث له ...كانه صراخ صوت مرتفع جدا.. او أزيز طائرة تعدت حاجز الصوت، هواء بارد جدا، رغم ان الوقت ليس شتاء، دقات قلبه مرتفعه، تختلط مع الاصوات المختلفه النشازالتي تقتحم أذنيه رغما عنه.

ألوان الطيف السبعه، تظهر أمامه، ثم تختفي، ليسود اللون الاسود فقط، دقات على الباب، وقع ارجل تهرول على السلالم، صوت المصعد وهو يرقد بجسده الثقيل امام شقته بالدور الخامس.

وجد الجريدة خلف باب الشقه، دفعها بائع الجرائد ككل صباح، اخذ يقلب صفحاتها سريعا، يبحث عن شيئ مجهول، وتتزايد دقات قلبه ارتفاعا، حتى استقرت عينه على صفحة الحوادث،كانت المفاجأة صورة زوجته وبجوارها صورة اخري لتصادم قطارين، لم يستطع ان يقف على قدميه حاول ان يستند على ظهر الكرسي الذي لم يستطع هو الاخر تحمل جسده الثقيل فهوي به، أخذ يزحف ببطئ شديد، وقد أصاب جسده الوهن، رفضت أرجله حمله، ماتت زوجته الجميله، كان شريط الذكريات يجري امامه كأنه عرض سينمائي، من زمن السينما القديمه " أبيض واسود" زفافه واحتفاله باعياد زواجه معها السبع سنوات، التي مرت عليه كانها سبع أيام،ثم الآن فلم يجد زوجته تشاركه نفس العالم، تركته وحيدا، كم وقفت أحيانا بجاوره تشاركه طموحاته، وأحيانا أخري خلفه لتدفعه الي الامام، ليتفوق في دراساته بعد الجامعيه، فهو صيدلي متفوق لم يكتف بعمله في شركة للدواء وصيدليه يملكها، ولكن يجري أبحاثا وحصل على الدكتوراه في فترة زمنيه قصيرة ،بفضل الله، ثم زوجته الجميله.

مرت الأحداث متسارعه وكأن بينها وبين دقات قلبه منافسة دوليه، فهو اقتنصها من بين معجبيها، كم كان كثيرون من زملاءهم يحاولوا التقرب منها ، فازهو بها في نهاية السباق ... بدأ مشواره معها، أحبها حبا جما، فهي جميلة الجميلات، ورشيقة الرشيقات، ورقيقة الرقيقات، ملكة متوجة على عرش ملكات الجمال، وكانها نجمه هوليوديه، تتوافر بها مواصفات اللباقة والذكاء، سيدة مجتمع، مرهفة الحس "تركيبة سحرية" كانها خلقت كما اراد.

لم يدري كيف وصل الي مدخل العمارة ورفع الغطاء من على سيارته، دس مفتاحه بها وكأنه يعطيها حقنة في وريدها الضعيف، انطلقت كانها تحس به وتشعر بأحزانه، كان لا بد أن يذهب الي أختها ليعرف منها تفاصيل الحادث الأليم، كانت قدمه على دواسة البنزين، واصابعه تلامس في عصبيه شاشة موبايله باحثا عن اسماء وارقام، لم يستغرق الأمر سوي دقائق، كانت اختها تسكن في شارع بجوارها في "كومباوند" واحد كان قد اختارهن معا.

قفز من سيارته كانه بطل سباحه عالمي في مسابقة دوليه، طرق الباب بقوة كانها وقع طلقات مدفع، خرجت سيدة البيت ممشوقة القوام، جميلة، بيضاء، شقراء، حمراء الشفايف، زرقاء العينين، ظن لاول وهلة انها زوجته الميته، لم تستطع ان تستبين كلامه، تمتمت بكلمات كانها تسبه أو تدعو عليه... ثم قالت: ليس لي اخوات، وأوصدت الباب في وجهه كانه شحاذ جاء يطلب صدقه، او محصل الكهرباء يطالبها بفاتورة عاليه بلا وجه حق، هكذا الاخت تتبرأ من أختها ؟ ماذا حدث ؟ قال لنفسه ..لا يستطيع أن يفسر الأمر انطلق بسيارته مرة اخري ، قرر سريعا أن يذهب الي زوج أختها يشكو له حزنه وجفاء الاخوات، ما كاد ان يراه امام عمله حتى انطلقت الكلمات منه كانها دوي طلقات، اندهش الرجل ونظر اليه ببرود متسائلا من يكون؟ يا وليتي أهكذا؟ الا تعرفني؟
قال : ولا عمري شفتك.. اخبره انه "عديله" ، فاجابه أنه منفصل عن زوجته وهي ليس لها أخوات، لم يستطع قلبه وعقله تحمل هذا الجفاء، و الانكار الرخيص، كانت السيارة تنطلق كانها تعرف طريقها، لابد من الذهاب الي اخيها الطبيب في إحدي المستشفيات، اقتحم عليه غرفة الكشف كاد ان يطرده، ولكن حاله اثار عطفه أخبره ببرود ان اخته توفت منذ سنوات، تعيش وتفتكر، ما هذا الهراء؟

لابد أن أذهب الي والدتها فهي بمثابة أم لي هكذا انطلقت السيارة الي البلدة التي تسكن بها حماته وكانها استجابت لطلبه ، ما كاد الباب ينفتح حتى إرتمي في أحضانها ومن فرط دموعه أحس انه بلل ملابسها، ادخلته وحاولت التهدئة من روعه، كانت تبكي لبكائه ، واندهشت كثيرا عندما اخبرها بما حدث لزوجته، وانكار اختها لها وأخيها، سالته متي رأي ابنها أخر مرة؟ فاخبرها من ساعه واحده،فأخبرته باندهاش كبير انه يهذي لان ابنها توفي في حادث أليم منذ سنوات بعد موت ابنتها بعام واحد.

لم يستطع الاستيعاب زادت دهشته وحزنه احس كان رأسه يطرق عليها مئات المطارق.

لم يشعر كيف وصل الي اخر الشارع، كان يستند على الحوائط حتى جاء شارع ضيق قذرسمع اصواتا غريبه كأنها همهمات، كان يشعربانه يعرف المكان، في اخر الشارع كان هناك بابا ضيقا كانه مغارة في جبل صغير، احني رأسه ودخل مكان مظلم مقبض تسارعت دقات قلبه أكثر فأكثر، كان هناك رجل كبير في ثياب و لحية بيضاء اشار اليه، فساله من أنت؟ فاجابه: انه مجرد نكرة جثة مدفونة في التراب.

استعجب وسأله كيف تكون جثه؟ وانا احدثك فاخبره انه ايضا جثه.. "يا ابني احنا هنا اموات"، "احنا ميتين من سنين" انت بس اللي جاي طازة، شوية شويه هتتعود على المكان" ، احس بدوار،لم يدري بنفسه الا وهو بين أربع ايادي تأزه أزا كانها الشياطين، ففتح عيناه وجد اربعة عيون جاحظة، فتوقع انهما ملكان يبدأن الحساب، ولكن وجهيهما ليس بملائكة ابدا انهن زبانية جهنم جاءوا يدخلنه النار بلا حساب، يا ويلتاه....إزاحوا عنه الغطاء وسكبن عليه زجاجة من ماء بارد، كان يتوقع انها من حميم، انتفض جسده الثقيل، ولكن ايشعر الميت ؟ انت مش ميت انت مغمي عليك من التركيبه اللي جربتها على نفسك "يا منيل" ؟ هكذا نطقت احدي الزبانيه، وبدأت تشرح انه كان بصدد اختراع تركيبة عجيبة سحرية اطلق عليها تركيبة السعادة، فحدث له ما حدث واخبرته انها زوجته وهذه امها، وراي ابنه الصغير الشقي الذي داوم على اثارة المشكلات مع الجيران، وتذكر سخافة زملائه، وتحكمات رؤسائه، وزحام بلده، ومشكلاته مع زوجته التي لم تكن لا جميلة ولا ملكة، ولم تتوج في اي يوم من الايام حتى ولو مجرد وصيفة لملكة فهي انسانه عاديه، واكبر عائق في رحلته العلمية، تذكر معادلاته التي كتبها على ورقة قبل ان يحقن نفسه بتركيبة السعادة السحريه، فجري كالذي لدغه ثعبان، يبحث عن الورقة التي بها التركيبة السحرية، مقررا ان يكمل رحلة بحثه عن زوجته الجميلة التي ماتت في حادث قطار، بدلا من ان تكون رقبته، هو قريبا تحت عجلات القطار،مرددا الحل في التركيبة السحرية... الحل في التركيبة السحرية.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.