
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إله إلا الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى لا تحصى نعمه عدا ولا نطيق لها شكرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والخليل المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على النهج اقتفى وسلم تسليما كثيرا أما بعد، اعلموا أن في خلق الأرض ومن عليها لعبرا، وفي خلق السماء وما فيها لمدكرا، وأن من وراء تصريف الأحوال لخبرا، وإن المتأمل في هذا الكون ليزداد إيمانه، ويصح يقينه، ويقبل على ربه، ويتوب من ذنبه، وقد أظلكم فصل الشتاء، وهو فصل كان يكتب فيه الفاروق عمر رضي الله عنه لعماله "إن الشتاء قد حضر، وهو عدو، فتأهبوا له أهبّته من الصوف والخفاف والجوارب، واتخذوا الصوف شعارا ودثارا فإن البرد عدو، سريع دخوله، بعيد خروجه".
والشعار ما يلي الجلد من اللباس، والدثار ما فوق ذلك، وفي فصل الشتاء للمؤمن ذكرى فإن شدة الحر وشدة البرد يذكران الناس بما في جهنم من الحر والزمهرير، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب، أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير" واعلموا يرحمكم الله إن من مفاتيح الفرج هى الصلاة والتنفل بها، فقال تعالى " يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة" وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر، واشتد عليه الخطب، وعظم عليه الكرب قام يصلي صلوات الله وسلامه عليه، ولما تغير الكون بالكسوف قام يجر رداءه عليه الصلاة والسلام.
وصلى صلاة لا نظير لها، ولما غارت الآبار، وطلب الصحابة من النبي المختار الأمطار قام وصلى صلاة الاستسقاء، وأرشد من تحيّر في أمره وتردد في فعله أن يصلي صلاة الاستخارة، فالصلاة عنوان الفرج، وسبب لذهاب الضيق والمخرج، وذات يوم عليه الصلاة والسلام استيقظ في آخر الليل، فقال " لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب من يوقظ صواحب الحجرات لكى يصلين" فإن من توكل على الله كفاه، ومن توكل على الله وقاه، ومن توكل على الله حماه، فتوكلوا على الله في جميع أموركم وشئونكم، وجميع أحوالكم، ومن ذلكم الصبر وهو حبس اللسان عن التلفظ بما يسوء الإنسان، وحبس القلب عن التسخط والجزع، وحبس الجوارح، فمن صبر ظفر، وعند المضائق والمآزق يأتي الصبر في أولويات ذلك.
فقد قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه يوما " اصبروا حتى تلقونى على الحوض" وقال تعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة" و"عجبا لأمر المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" وليس ذلك إلا للمؤمن، فحينما تلم بك النكبات والأزمات فاصبر لرب الأرض والسماوات، ومن ذلكم الدعاء، سؤال الله تعالى لاسيما في أوقات الإجابة، كالسجود وأوقات السّحر وعصر يوم الجمعة، وغير ذلك من أوقات ومظان الإجابة، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
إضافة تعليق جديد