رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الثلاثاء 21 يناير 2025 10:58 م توقيت القاهرة

السيادة الكاملة لله عز وجل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، إن يوم عرفة من الأيام الفاضلة، فيتأكد فيه الدعاء والذكر، ومن ذلك قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فقد جاء عن جمع من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" وهو ثابت بمجموع طرقه، ويذكر الله في المزدلفة عند المشعر الحرام إن تيسر له، وإلا في مكان مبيته والمشعر الحرام جبل قزح، وعليه الآن مسجد مزدلفة.

والسنة الوقوف بعد صلاة الصبح مستقبلا القبلة لذكر الله سبحانه ودعائه إلى قبل طلوع الشمس، ومن ذكر الله التلبية والتكبير والتهليل، وهذا موقف عظيم ومشهد كريم، وهو آكد مواطن الذكر والدعاء لأمر الله تعالى به، فهو المقصود الأعظم من الوقوف بمزدلفة، وبه يتم امتثال قوله تعالى "فاذكروا الله عند المشعر الحرام" ولفعله صلى الله عليه وسلم ففي حديث جابر رضي الله عنه "ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا" ويذكر الله حين رمي الجمار، فيكبر مع كل حصاة، ويقف مستقبلا القبلة يدعو رافعا يديه بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى في مكان لا يضايق المشاة، فعن سالم بن عبدالله أن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات. 

ثم يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم يسهل، فيقوم مستقبل القبلة قياما طويلا، فيدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك، فيأخذ ذات الشمال، فيسهل ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا، فيدعو ويرفع يديه، ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ويقول هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل" رواه البخاري، وعن عطاء قال "كان ابن عمر يقوم عند الجمرتين مقدار ما يقرأ الرجل سورة البقرة" ويذكر الله في أيام التشريق في مكانه الذي هو حال فيه، ومن الذكر التكبير، وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى، فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا" واعلموا يرحمكم الله إن توحيد العبادة والتحاكم إلى شريعة الله سبحانه وتعالي. 

هما عماد هذا الدين القويم، بهما يقوم، وعلى دعائمهما يستند، فكما أنه سبحانه وتعالى في السماء إله، يبسط الهيمنة الكاملة على جميع مخلوقاتها، ويدينون له بالطاعة المطلقة، والسيادة الكاملة، فلا يُرد أمره، ولا تنتقض تكاليفه، ولا يتطرق إلى أفهام عباده السماويين احتمالية أن يشاء الله أمرا ويشاؤون هم أمرا آخر، بل جميعهم طائعون وهم أذلة، يعلمون مكانهم، وقدر عزّة ربهم، ومدى استحقاقه لولائهم، واستماتتهم وتسابقهم في الإصغاء والإرضاء والتزلف، فكما هو كذلك فإنه أيضا في الأرض إله، له من مقومات الألوهية ما يتنزه به عن كل نقص، وما يتصف به من جميع صفات الكمال والجمال والجلال، فهو في السماء إله وفي الأرض إله، فما باله يعصى في الأرض، ولا يعصى في السماء؟ ما باله يوحّد في السماء ولا تشوب توحيده فيها شائبة. 

بينما يهتز توحيده في الأرض بفعل الشركيات، وتحاكم العباد إلى أنظمة وضعية لا ترقى لأن تشكل مجتمعة حكمة من حكم إحدى تشريعاته التي أخفاها على عباده أو أظهرها؟ فهي سلطة واحدة، سلطة الملك التي يصدر عنها التشريع في الدنيا، ويصدر عنها الجزاء في الآخرة، ولا يصلح أمر الناس إلا حين تتوحد سلطة التشريع وسلطة الجزاء في الدنيا والآخرة على السواء، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.