رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 13 أكتوبر 2025 2:17 م توقيت القاهرة

الكلام له مقام وله حساب

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد إن مما ينبغي العناية به في أخلاق الطفل وتربيته هو أن يجنبه والده ‌الكذب والخيانة وهذا أعظم مما يجنبه السم الناقع، فإنه متى سهل له سبيل ‌الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة وحرمه كل خير، ويقول الإمام ابن القيم وإذا قضى بالقبح مطلقا، واستمر عليه مدة، وتكرر ذلك على سمعه ولسانه، إنغرس في قلبه إستقباح منفّر، فلو وقعت تلك الحالة النادرة وجد في نفسه نفرة عنها لطول نشوئه على الإستقباح فإنه ألقي إليه منذ الصّبا على سبيل التأديب والإرشاد أن الكذب قبيح لا ينبغي أن يقدم عليه أحد، ولا ينبّه على حسنه في بعض الأحوال، خيفة من أن لا تستحكم نفرته عن الكذب، فيقدم عليه، وهو قبيح في أكثر الأحوال، والسماع في الصغر كالنقش في الحجر.

فينغرس في النفس، ويجد التصديق به مطلقا، وهو صدق لكن لا على الإطلاق، بل في أكثر الأحوال، اعتقده مطلقا، فيا عباد الله ألا وإن أعظم الكذب هو الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تعمّد عليّ كذبا فليتبوأ مقعده من النار" وفيهما أيضا عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن كذبا عليّ ليس ككذب على غيري، فمن كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" وفيهما أيضا، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " من يقل عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار" 

والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم موجبا لدخول النار وإتخاذ منزلة منها مبوّأه، وهو المنزل اللازم الذي لا يفارقه صاحبه لأنه متضمن للقول على الله تعالي بلا علم، بل صريح ‌الكذب عليه، لأن ما يضاف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فهو مضاف إلى المرسل، والقول على الله تعالي بلا علم صريح إفتراء ‌الكذب عليه، فسبحانه يقول " ومن أظلم ممن افتري علي الله كذبا " واعلموا يرحمكم الله أن الكلام له مقام وله حساب، وله عظيم الأثر في الناس دعوة وبيانا وسلوكا سواء لطريق الحق أو طريق الإنحراف، وإن من أعظم آفات الكلام هو الإفتراء والبهتان، والمعنى في الإفتراء والبهتان هو إختلاق أمر ليس له واقع، ولا حقيقة، ثم مواجهة الشخص بهذا الإفتراء بصورة يفزع لها قلبه لقوة الفرية، فلا يحرك ساكنا دهشة مما قيل، وإن أعظم الفرى هو الإفتراء على الله تعالى. 

ولا أحد أظلم ولا أشنع ذنبا، ولا أقبح مكانا من الإفتراء في دين الله، فإن القول على الله سبحانه بغير علم خاصة ممن يسمع له الناس، طريق غواية وإضلال للخلق، وخسارتهم في دنياهم وآخرتهم، وإنظر إلى ترتيب الآثام، وأين يقع الإفتراء على الله تعالي؟ حيث قال تعالى في سورة الأعراف " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا علي الله مالا تعلمون " فجعل القول على الله تعالي بغير علم أعلى المراتب لأنه هو القائد لجميع الموبقات التي سبقته، وما من معصية ولا عاصي، إلا وفيه نوع جهل بمقام الله تعالى، فاللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى وأعمال أهل اليقين ومناصحة أهل التوبة وعزم أهل الصبر وجد أهل الخشية وطلبة أهل الرغبة وتعبد أهل الورع وعرفان أهل العلم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
9 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.