بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشدا والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، عباد الله توبوا إلى الله توبة قبل أن يدرككم الموت، توبوا إلى الله توبة قبل أن تحل مصيبة تحول بين الإنسان وبين التوبة، فإن من الناس من سوف التوبة وأجلها حتى نقل إلى سرير وقد بلي ببلاء عظيم لا يستطيع معه أن يركع أو يسجد، إن من الناس من سوف التوبة حتى نقل في تابوت من بلاد الخارج إلى بلاده، وإن من الناس من سوف التوبة حتى أدركه الموت، وعجز أن ينطق بالشهادة، وإن من الناس من بلغ الثلاثين والأربعين والخمسين وما تاب إلى الله تعالي حتى الآن.
فمتى يا عباد الله؟ فقد خطب الحسن البصري رحمه الله الناس، فقال "يا معشر الشباب ماذا قدمتم وماذا أخرتم؟ ويا معشر الشيوخ إلى متى الغفلة قد أعذر الله إلى امرئ بلغه الستين من عمره؟ والموت لا يعرف صغيرا ولا كبيرا، فيا عباد الله استعدوا للقاء الله، واعملوا صالحا ينفعكم، اعملوا صالحا قبل أن تحل عليكم ساعة لا ينفع فيها الندم، ولا ت حين مندم، فيا عباد الله التوبة لا تأتي فجأة، فالتوبة ليست قميصا يلبس، فجاهدوا أنفسكم على التوبة، وأسأل الله أن نوفق لتوبة صادقة نصوح تجب ما قبلها من الذنوب والسيئات والمعاصي والمنكرات، واعلموا يا أيها الناس أن الله عز وجل نهانا عن الفحشاء وعن الشحناء وعن التباغض، وإن من أسباب ذهاب الشحناء والتباغض والغلّ والحقد عن القلوب، وحلول الود والألفة والتآلف هو التخاطب بالكلام الحسن اللطيف مع الخلق على إختلاف مراتبهم ومنازلهم.
لأن الشيطان يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم، وأيضا إفشاء السلام على القريب والبعيد، من عرفت ومن لم تعرف، والتهادي بين بعض، وصنع المعروف لبعض، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " تهادوا تحابوا " وكذلك إبعاد النفس عن الغضب، وتذكيرها بفضل كظم الغيظ، وتحليتها بالحلم والأناة، إذ الغضب مفتاح الشرور، وعنه يتولد الغلّ والحقد والحسد، وكذلك ترك المراء والجدال حول المسائل والوقائع والأحداث، حتى ولو كان المتكلم محقا، لأن ذلك قد يجلب تعصب الإنسان وتعنته لما يقول ويختار، ورفع الصوت على مجادله، وتحقير رأيه، ويظن استصغاره وتجهيله، وهذا يثير الحقد والكراهية، ويذكي الشحناء، ويولد النفرة، وفي ترك المراء راحة القلب والبدن في الدنيا، والتنعم في الجنة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال.
" أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء " وكما أن من الأسباب العظيمة أيضا لإزالة الشحناء والبغضاء هو ترك التنافس على الدنيا وحطامها، بين أهل المناصب والوظائف، وبين أهل المتاجر والتجارة، وبين أهل المهن والحرف، وبين أهل الزراعة، وبين أهل المواشي، وبين أهل الطب، وبين أصحاب الشركات، وبين ملَّاك العقارات، وبين وجهاء القبائل، وفي المحافل والأعراس والمناسبات، وبين الورثة مع الميراث، فاللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وعبادك المؤمنين، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون، نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه إنه كان حليما غفورا.
إضافة تعليق جديد