رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 7 يونيو 2025 3:38 ص توقيت القاهرة

عنتر ... وهبلة ( الجزء الثاني ) المحروقات الله يحرقها قصة قصيرة بقلم : ياسر عامر

عنتر ... وهبلة ( الجزء الثاني )
المحروقات الله يحرقها
قصة قصيرة
بقلم : ياسر عامر

ثارت "عبله" الملقبه بـ " هبله" ضربت بقدميها الأرض حتى مالت بها العمارة القديمه التي يمتلكونها كإرث شرعي من حداد والد زوجها ، و يسكنها غيرهم 5 من الأسر المورثه مع العمارة كايجار قديم لا يتعدي عدة مئات من الجنيهات لا تساوي مصاريف صيانة شقة واحده من شقق المخروبه كما يقول زوجها.

على الرغم من فرحة "عنتر" بهذا الركل والرج والهز والهد الذي ذكره بالزلزال وتوابعه مجتمعين معا... وتخيل كأن العمارة جهاز تليفون محمول تم ضبطه علي وضع الهزار "الفيبريشن" داعيا ان تقع المخروبه علي رؤوس من فيها ليستغل الأرض ويبيعها بملايين الجنيهات، كحلم يراوده منذ وفاة والده من سنوات طويله ليدخل في زمرة اصحاب الملايين....... ولكنه سريعا ما تذكر انه سيكون من ضحايا أقدام زوجته الملقبه بـ " هبله" وفي تعبير اخر منه " أم الأطنان" حيث تحمل اطنانا من اللحم والشحم بعد ان كانت رشيقه انيقه قبل زواجها منها من 20 عاما مضت.

كان سبب هياج عبله الملقبه بـ " هبله" عدم تحقيق رغبتها الدنيئة علي حد قول زوجها ان جميع رغباتها دنيئة في الخروج في فسحة عيد الفطر ككل عام حيث صاحت ونكشت شعرها كغوريلا هاربه من حديقة حيوان الجيزة بسبب قلة الطعام مطالبة بحقها هي واولادها السته في خروجة العيد كالبني ادمين.

وضاع مجهود "عنتر" هباءا كدقيق نثر في يوم رياح عاصفه وهو يحاول اثنائها عن رغبتها في الخروج متخذا من رفع أسعار "المحروقات" سببا للجلوس في البيت والإكتفاء بمشاهدة التلفزيون كباقي اصحابه وصب اللعان والشتائم على رؤوس المسئولين ردا على صبهم في المصلحه التي اهترت من كثرة الصب بها، وأصبحت مستباحه بعد أن كانت منطقه محرمة.
وجاءت كلمة "المحروقات" التي خرجت من فم "عنتر" بمثابة
" سب الدين" أو اخراج "الفاظ خارجه" لعبله ... فكان رد فعلها سريعا جدا كعدد من القذائف الصاروخيه الموجهه
" محروقات " الهي يحرقك يا بعيد في نار جهنم" محروقات" يا محروق الوجه والقلب، الهي يحرق اهلك واللي جابوك" وبعد سيل الشتائم التي اعتاد عليها عنتر تسائلت" هبله" في دهشة :
اسعار محروقات ايه يا راجل اللي زادت بتضحك عليا ... هي المحروقات لها سعر يا منيل.

حاول عنتر المسكين ان يتحاشي الوقوف في وجهها حتى تهدأ ثورتها العارمه ثم بدأ كعادته يحاول ان يشرح لزوجته " هبله" ما خفي عليها من معلومات متقمصا دور المدرس الذي يشرح لتلميذ بليد:

يا وليه الله يخرب بيتك.... علي بيت اللي علمك... علي بيت اللي شارعليا بجوازي منك....
يا وليه يا جاهله..... محروقات يعني سولار وبنزين وغاز اللي بيتحرق الله يحرقها.
اظهرت عبله مزيدا من البلاهة التي ورثتها بالفطرة عن والدتها قائلة : طب ما تقول البنزين زاد ياراجل.... لازم تبين لي انك متعلم وانا جاهله؟
وبعدين ايه المشكلة لما يزيد شويه وعربيتك بتاخد ارخص نوع بنزين ؟
عنتر : يا وليه المشكلة ان زيادة اسعار المحروقات الله يحرقك ريحرق اللي في بالي ....هترفع سعر السلع ....لان جميع السلع بتتنقل يا وليه بالعربيات.
حتي العلاج والسم الهاري اللي بناكله... والميه اللي بنشربها والزفت اللي بيزفتوا به الطريق .
يا وليه الاسعار هتبقي نار... اضعاف اضعاف.. كمان الغاز والبوتاجاز.. يعني الطبخه اللي هتعمليها ليا وللجيش اللي مخلفاه هتبقي الضعف.... يا وليه مش هنلاقي ناكل... هنجيب منين فلوس الفسحه؟
وتحت الضغوط والتهديدات والوعيد من "هبله" لزوجها " عنتر" وحرصا على ما تبقي من كرامته.. وحفظا لبعض ماء وجهه امام العيال.
رضخ "عنتر" المغلوب على أمره لمطلبها ونزل سلالم العمارة ساخطا لاعنا ومن خلفه اولاده وبناته حاملين حلتين محشي ودكر البط المحمر، وزجاجات البيبسي، وصنية الكيكه، وما تبقي من اكل رمضان وبعض اشياء اخري لم يتبينها عنتررغم رائحتها النفاذه.

جلس علي الدركسيون تائها شريدا كمجرم هارب تطارده العدالة...بجانبه "هبله" حاملة على رجليها طفليها بعد ان وضعوا الحلل وخلافه على سقف السيارة القديمة التي بدأت تأن من قبل ان تتحرك خطوة واحده ، و انحشر 3 ابناء في الكنبه الخلفيه وواحد منهم في شنطة السيارة وانطلقت بسرعة لا تتجاوز 40 كم ساعة تشكو الي الله من الأطنان التي تحملها .

بعد معاناة مع الزحام خرج علي الطريق الرئيسي للبلده وعند ذلك قرر ان يقوم بتفويل السيارة استعدادا للرحلة ولكن بدأت رحلة اخري للبحث عن البنزين حيث أخرجت السيارة لسانها كانها كلب جربان اجهده العطش.

راح عنتر يلعن حظه وزمانه وزوجته وعياله والحكومة واسماء أخري كثيرة.... مقررا ان يجلسوا مكان وقوف السيارة، او بمعني اصح مكان ما "بركت" السيارة كما قال واخرجوا ما معهم من طعام ...وبدأت الصراعات والخطف واللقف كانهم في خناقه كل منهم يريد الحصول على نصيب معقول من المحشي والبطة والاشياء الأخري متناسين الرائحه الكريهة للطعام الذي فسد بسبب حرارة الجو وطول الطريق.

بعد محاولات مضنيه حاولوا مستنجدين ايقاف اي سيارة علي الطريق طالبين للوقود ولكن هيهات هيهات.... حينها تذكر عنتر نصيحه قديمه لوالده فتركوا السيارة وانتظروا بعيدا وما هي الا دقائق والتفت حولها عربات الشرطة وونش المرور باجهزة كشف مفرقعات ثم حملوها معهم لاقرب قسم شرطة داخل المدينة.

فرح "عنتر" بنجاح خطته في نقل السيارة بدون تكلفة وقرروا العودة ركوبا للسرفيس علي ان يذهب في الصباح لاستلام سيارته من القسم.
حين ذلك بدأت امعائهم تتور وتزمجر وتعوي ككلب اصابه طلق ناري.. وبدأ اولاده في الصياح... واعلنت امعائهم حالة الطوارئ مما اكلوه من أكل فاسد... وأنزلهم سائق السرفيس بعد أن تقيأوا علي قفاه العريض وأغرقوا السيارة بمحتويات معداتهم ذات الرائحه النفاذة الكريهة... وما اثارته من غبار ذري ملوث مصحوبا بغازات واصوات غريبه .
حملتهم سيارة لوري مستلقين هلى ظهورهم الي اقرب مستشفي في محاولات مستميته لاسعافهم ، بعد ان كتب "عنتر" وهو لا يدري اقرارات وايصالات للامانه لدفع ثمن العلاج الذي تضاعف اضعافا مضاعفه.

نظر لزوجته وهم يجهزوا مصلحته للصب فيها انواع مختلفه من المنظفات والصابون والمواد المطهره لتنظيف بطنه مما الم بها قائلا في ندم : عرفتي يا وليه يعني ايه محروقات الله يحرقك... عرفتي ليه سموها محروقات عشان بيتحرق قلبنا وبطننا ومصلحتنا بسببها.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.