رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 22 مايو 2025 3:32 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن طرق العدوان محرمة في الشريعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 30 ديسمبر
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل أبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، أما بعد، إن تشريع الإسلام لحماية الملكيتين الخاصة والعامة له علاقة وثيقة بأمن البلاد والعباد، فإذا آمن الفرد بأن ملكيته مصونة ومحترمة، وأن جميع طرق العدوان محرمة في الشريعة الإسلامية، فإن الفرد يأمن على ماله وعرضه، ويؤدي ذلك إلى علاقة ود ومحبة وتواد بين أفراد المجتمع.

وإلى استقرار وسلامة المجتمع من كل خوف أو رعب أو تهديد، أما إذا ترك الحبل على الغارب وأصبحت الأموال الخاصة والعامة فريسة للطامعين، ونهبا للمعتدين، فلا شك أن يصاب المجتمع بتفكك أوصاله، وهدم بنيانه، وزلزال كيانه، ويصبح الفرد في رعب دائم، وقلق مفزع، فلا هو تمتع بماله، ولا اطمأن في مقامه، كيف لا وهو يخشى الاعتداء على ماله كما تخشى الأسد من أن تلتهم فريستها؟ وإن سلب القليل من المال العام ولو كان مخيطا أو ما في قيمته يفضح به العبد يوم القيامة ويذهب بحسناته، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يعظ أصحابه، مبينا لهم خطورة الغلول والسرقة من الغنيمة، والتي تعد بمثابة المال العام الذي يَنبغي أن يُحفظ من خلال أفراده، فمن غل شاة جيء بها يوم القيامة تيعر وهي على كتفه،

ومن غل بعيرا جاء يحمله يوم القيامة وله رغاء يسمعه أهل الموقف على كتفه، ومن غل فرسا جاء يحمله يوم القيامة وله حمحمة ومن غل شيئا قليلا أو كثيرا إلا جُعل ناطقا أمامه، حتى الذهب والفضة، من غل صامتا، أي ذهبا أو فضة جاء به يوم القيامة يحمله، ومن صور الاعتداء على المال العام هو تعاطى الرشوة لإحقاق باطل أو إبطال حق كما هو شائع في المصالح الحكومية، فكل من أخذ رشوة أو حراما يأتي حاملا له على رقبته، مفضوحا به أمام الخلائق يوم القيامة بنص الحديث، وبنص الآية القرآنية، ولهذا كان الخلفاء الراشدون حريصين أشد الحرص على المال العام، فهذا أبوبكر الصديق رضي الله عنه لما بويع للخلافة حدد له الصحابة راتبه من بيت المال، ثم سلَّموه لقحة وهي ناقة ذات لبن وجفنة وهو وعاء يوضع فيه الطعام.

وقطيفة وهي تلبس ويلف فيها من البرد، وهذه عدة قصر الحاكم خليفة رسول الله، صلى الله عليه وسلم فلما حضرته الوفاة أمر بردها، ومن هذه الصور ما رواه عبد الرحمن بن نجيح قال نزلت على عمر، فكانت له ناقة يحلبها، فانطلق غلامه ذات يوم فسقاه لبنا أنكره، فقال ويحك من أين هذا اللبن لك؟ قال يا أمير المؤمنين إن الناقة انفلت عليها ولدها فشربها، فخليت لك ناقة من مال الله، فقال ويحك تسقينى نارا، واستحل ذلك اللبن من بعض الناس، فقيل هو لك حلال يا أمير المؤمنين ولحمها، فهذا مثل من ورع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث خشي من عذاب الله جل وعلا لما شرب ذلك اللبن مع أنه لم يتعمد ذلك، ولم تطمئن نفسه إلا بعد أن استحل ذلك من بعض كبار الصحابة الذين يمثلون المسلمين في ذلك الأمر، بل انظر كيف فرّق بحلاوة إيمانه ومذاقه بين طعم الحلال وبين ما فيه شبهة.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.