رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الجمعة 17 مايو 2024 5:44 م توقيت القاهرة

الدكروري يكتب عن كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 3 يناير
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا عزّ إلا في طاعته، ولا سعادة إلا في رضاه، ولا نعيم إلا في ذكره، الذي إذا أطيع شكر، وإذا عُصي تاب وغفر، والذي إذا دُعي سمع وأجاب، وإذا استعيذ به أعاذ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن الله تبارك وتعالى قد أوجب علينا حكاما ومحكومين، أن نتحرى الحلال الطيب في مكاسبنا، ومطاعمنا، وملابسنا، وألا تمتد أيدينا إلى حرام قط "فإن كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به" وإن أكل المال الحرام حرام، ومن أشد المال حرمة ما كان مالا عاما يرجع نفعه إلى مجموع المسلمين، لا مالك له على التعيين، بل الناس جميعا فيه شركاء، لا يتعلق به حق خاص، بل هو مال عام للسائل والمحروم، للغني والفقير.
للحاكم والمحكوم، للكبير والصغير، الكل فيه شركاء، هذا المال العام شدد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فثبت عنه في الحديث أنه قال " إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، أولئك لهم النار يوم القيامة" ولما كان صلوات ربي وسلامه عليه قافلا من ديار بني عبد الأشهل إلى مسجده المبارك، مر على مقبرة البقيع، فقال " أف وتف، وكان معه أبو رافع رضي الله عنه يقول فلزقت في درعي وتأخرت، فالتفت إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ما لك؟ قلت يا رسول الله سمعتك تقول أف وتف، فقال عليه الصلاة والسلام "ليس ذلك لك، ولكن هذا قبر فلان ابتعثته ساعيا على صدقات بني فلان، فغل نمرة، فدرع مثلها الآن في قبره من نار، جازاه الله عز وجل بمثل صنيعه لأن عدل ربنا جل جلاله.
قد قضى أن " من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا" والمال العام يجب على الناس جميعا حكاما ومحكومين أن يكفوا أيديهم، وأن يغضوا أبصارهم، فيقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة ولي اليتيم من ماله، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإن أيسرت قضيت، فهذا دستور عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن قبله أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فإنه لما ولي الخلافة أراد أن يتجر من أجل أن يطعم أهله وعياله، فأمره عمر بن الخطاب وأبو عبيدة، وجماعة من المهاجرين والأنصار أن يترك التجارة، ثم جلسوا معه وفرضوا له عطاء، ألفين في كل شهر، فقال لهم أنا ذو عيال كثير زيدوني، فزادوه خمسمائة رضي الله عنه.
فكان عطاؤه في كل شهر قمري ألفين وخمسمائة درهم، وثوباه إن أخلقهما ردهما وأخذ غيرهما، ودابته التي كان يركبها، يأكل مثلما كان يأكل قبل أن يلي خلافة المسلمين وإمرة المسلمين، هذا هو دستور الحكم في ديننا، وهذه هي الخلافة الراشدة في شرع نبينا صلوات ربي وسلامه عليه، فإن كلاما كهذا لا بد أن يتذكره الناس في هذه الأيام، بعدما أذهب الله عن بعض بلاد المسلمين الأذى، وعافاهم من البلوى، ونزع الملك من طواغيتهم الذين ساموا المسلمين سوء العذاب، وبدلوا الدنيا والدين، هؤلاء الذين حرفوا الكلم عن مواضعه، وصدوا عن سبيل الله، وآذوا عباد الله، وضيقوا سبل الدعوة إلى الله قد نزع الله منهم الملك، وأذهب شرهم، وكف بأسهم، لكن بعد ذلك ظهرت فضائحهم، وبدا عوارهم.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.