بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 20 ديسمبر
الحمد لله برحمته اهتدى المهتدون، وبعدله وحكمته ضلّ الضالون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، تركنا على محجّة بيضاء لا يزيغ عنها إلا أهل الأهواء والظنون، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا مَن أتى اللهَ بقلب سليم، أما بعد إن النفس والهوى في العادة يطالبان الإنسان بالمعصية ومن الصعب على الإنسان أن لا يستجيب إليهما ولكن جدير بالمؤمن أن يتحدى النفس ويقاوم الهوى فإنما الدنيا ساعة والمفروض أن تحمل ألم ساعة في مرضات الله تعالى، فماذا سيكون حالك أيها الإنسان فيما لو أخبرك الله تعالى بأن المتبقي لك من عمرك مجرد ساعة، فهل كنت ستعصي الله تعالى فيها؟
وهل كنت ستظلم الناس وتنازعهم حقوقهم؟ وهل كنت لتنشغل عن الموت بطلب الملذات وزخارف الدنيا؟ فعليك أن تفكر لتنجو بنفسك، وعليك أن تفكر في التوبة والرجوع إلى الله تعالى، وعليك أن تفكر في الأعمال التي ترضي الله تعالى عنك وتجنبك سخطه، عليك أن تفكر بما يسعدك في دار الدنيا والآخرة، فالعاقل هو الذي يستثمر فرص الدنيا لسعادة الآخرة، فإن الفرصة إذا ذهبت قد لا تعود مرة ثانية، ومن سوف التوبة إلى الغد ولم يأتي عليه الغد بأن عاجله الموت فقد هلك وهوى، وإن استفحال الفساد والإفساد في العالم يؤدي إلى مساوئ وآثار سلبية كبيرة ومتنوعة ومن هذه الآثار، هى آثار دينية، فإن الفساد سبب في نزول العذاب وحلول النقم من الله تعالى، وهناك أيضا آثار اجتماعية، حيث يزرع الفساد بذور التفرقة والعداوة والبغضاء بين الناس.
ويحطم كيان الأسر، وتتفاقم المشكلات الأسرية، وفيه إهدار لكرامة الفرد وعرضه، ويهدد النوع البشري، وأما الآثار النفسية والصحية، فالمفسد فاقد للأمن النفسي والاستقرار العقلي، حيث يسيطر القلق والاضطراب عليه، وأما آثاره الاقتصادية، فتترتب عليه مضار كثيرة ويؤدي إلى إهدار المال العام، ويعود على الدولة بالخسارة المالية، ويقف دون التقدم الاقتصادي والرقي الحضاري للمجتمع، وأما آثاره السياسية، فيعد الفساد عدو التنمية، فهو من أسباب فشل خطة التنمية في الدول النامية، وهو مشجّع على كل مظاهر الفوضى والخروج على النظام العام، وإن الدين الإسلامي الحنيف حارب الفساد منذ اليوم الأول لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم، بدءا من فساد العقيدة فقد جاء ليحرر الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
وجاء ليقضى على الأخلاق الذميمة والعصبيات الجاهلية, وينشر بدلا منها, الأخلاق القويمة الحميدة وتكون العصبية للدين وحده، جاء ليقضى على كل مظاهر الفساد الاقتصادية والاجتماعية، ويؤصل بدلا منها كل ما هو حسن وكل ما من شأنه أن ينهض بالأمة ويجعلها رائدة العالم كله، وقد انتهج الإسلام في محاربة الفساد نهجا قويما فالإسلام قد نظر إلى هذا الفساد بكل أنواعه وأدرك أسبابه الخفية والظاهرة وعمل على علاجها علاجا جذريا حقيقيا وليس علاجا صوريا كما هي المناهج العصرية التي ينتهجها الناس اليوم، ثم عالج الفساد بعد حدوثه، وحاربه بسبل وطرائق لا يستهان بها.
إضافة تعليق جديد