الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وهدى به إلى صراط مستقيم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادة نرجو بها النجاة من العذاب الأليم والفوز بالنعيم المقيم ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى الكريم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية في كتب الفقه الإسلامي الكثير عن ليلة النصف من شعبان وما يخدث فيها، وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالي، قد سئل عن صلاة نصف شعبان ؟ فأجاب إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده أو في جماعة.
خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف فهو أحسن، وأما الإجتماع في المساجد على صلاة مقدرة كالإجتماع على مائة ركعة بقراءة ألف " قل هو الله أحد" دائما، فهذا بدعة لم يستحبها أحد من الأئمة، والله أعلم، ثم قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى، وأما ليلة النصف فقد روي في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا، وأما الصلاة فيها جماعة فهذا مبني على قاعدة عامة في الإجتماع على الطاعات والعبادات فإنه نوعان أحدهما سنة راتبة إما واجب وإما مستحب كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين، وصلاة الكسوف والإستسقاء والتراويح فهذا سنة راتبة ينبغي المحافظة عليها والمداومة.
والثاني ما ليس بسنة راتبة مثل الإجتماع لصلاة تطوع مثل قيام الليل أو على قراءة قرآن أو ذكر الله تعالي أو دعاء، فهذا لا بأس به إذا لم يتخذ عادة راتبة، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه إقتضاء الصراط المستقيم ليلة النصف من شعبان فقد روى في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها ليلة مفضلة وأن من السلف من كان يخصها بالصلاة فيها، وقد قال الإمام الذهبي في تذكرة الحفاظ في ترجمة الحافظ أبي القاسم ابن عساكر، وقال المحدث بهاء الدين القاسم كان أبي رحمه الله مواظبا على الجماعة والتلاوة، يختم كل جمعة ويختم في رمضان كل يوم ويعتكف في المنارة الشرقية، وكان كثير النوافل والأذكار، ويحيي ليلة النصف أي من شعبان، والعيدين بالصلاة والذكر.
وقد ذكر الحافظ زين الدين ابن رجب البغدادي ثم الدمشقي الحنبلي في لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف أن بعض علماء السلف إستحب إحياء ليلة النصف من شعبان جماعة في المساجد، فقد كان خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما يلبسون فيها أحسن ثيابهم ويتبخرون ويكتحلون ويقومون في المسجد ليلتهم تلك ووافقهم إسحاق بن راهويه على ذلك وقال في قيامها في المساجد جماعة ليس ببدعة، ونقله عنه حرب الكرماني في مسائله، وذهب بعض السلف إلى أنه لا يسن تخصيص هذه الليلة بالإجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء ولكن لا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه، وقيل فمن أراد أن يعمل بالقول الأول فلا إعتراض عليه وخصوصا في مثل هذا العصر الذي إشتدت فيه حاجة الناس إلى علم الدين فيغتنم العالم أو الواعظ إجتماع الناس لتذكيرهم بما ينفعهم في آخرتهم.
وهذا يدل على أن الذين يضللون ويحرمون إحياءها في المساجد لم يوافقوا أحد القولين وشذوا عما كان عليه السلف الصالح، وقد قال الإمام النووي في المجموع، الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وهي إثنتى عشرة ركعة تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب وإحياء علوم الدين ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل ولا يغتر ببعض من إشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في إستحبابهما فإنه غالط في ذلك وقد صنف الشيخ الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن اسماعيل المقدسي كتابا نفيسا في إبطالهما فأحسن فيه وأجاد رحمه الله.
إضافة تعليق جديد