رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الاثنين 9 يونيو 2025 10:00 م توقيت القاهرة

امرأة أولى بالإجلال والتقدير من العلماء.. بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، فقد روى الإمام البخاري في صحيحه أن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها زوج النبي المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم قالت " لمّا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال إني ذاكر لكي أمرا، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك ثم تلى عليها آية التخيير، قالت فقلت ففي أي هذا استأمر أبويّ، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة "
فقد صدقت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فما حييت يوما حياة من أراد الدنيا، وما فعلت يوما شيئا لشهوة أو لمتاع أو لحظ فاني، وحياتك خير شاهد على ذلك، فقد تحملت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم الفقر والجوع وشظف العيش لأنك ما أردتي إلا الله ورسوله والدار الآخرة، في الوقت الذي كانت فيه من لايساوين قلامة ظفرك من النساء يتقلبن في ألوان الملذات ويرفلن في النعيم، فقد عاشت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حجرة واحدة ضيقة بسيطة البنيان، وسادتها من الليف ومهادها من الحصير، ولا تجد من الثياب إلا الكفاف وتقترض الحلي والزينة، وتمكث ثلاثة أشهر ما يوقد في بيتها نار ويكون طعامها التمر والماء، وتبيت الليالي الطوال طاوية من الجوع، فما تبرمت يوما وما ضاقت بعيشها قط، فمن تطيق ذلك إلا مثيلاتك ممن أردن الله ورسوله والدار الآخرة.
رضوان الله عليكن جميعا وكان كل متاع الدنيا بين يديكي فلفظتيه، وكانت تأتيك الأموال فتنفقيها في سبيل الله جزلة مسرورة وتنسين نفسك غير مبالية بجوعك، فما أروعك يا أم المؤمنين، وبعد كل ذلك يتهمك أناس يعبون من الشهوات عبا، ويتلطخون بالمحرمات من متعة وغيرها، ويبتزون الناس ويأكلون أموالهم بالباطل، ويستبيحون أعراضهم، ألا لعنة الله عليهم، فاللهم إني بريء منهم، وأتقرب إليك ببغضهم والبراءة منهم، فكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول بعد نزول براءتها من السماء في حادثة الإفك "ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيّ بوحي يتلى" فما أجل تواضعك أيتها العظيمة الجليلة، فإنه لفضل وشرف تشرأب له الأعناق وتهفو إليه النفوس ولايحمل إلا معنى واحدا وهو أنك كريمة على الله وحرمتك عظيمة لديه، ولو كانت ذرة من هذا الشرف لشانئيك.
لتاهوا به فخرا وإستعلاء أما أمنا المؤمنة التقية النقية المتجردة فما يزيدها ذلك إلا تواضعا وإخباتا، وعن عروة قال " مارأيت أعلم بالشعر منها يعني عائشة" رواه البخاري، وعن هشام بن عروة، عن أبيه قال "ربما روت عائشة القصيدة ستيا والمائة بيت " فكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها شخصية علمية فريدة من نوعها يقف المتعلم بل العالم أمام علمها وسعة إطلاعها مشدوها، فكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها شخصية موسوعية تسبر أغوار العلم النافع أجمع ولاتحصر علومها في علم واحد، فهي من أعلم الناس بالحلال والحرام والفرائض والسنة والقرآن، ولاتكتفي بذلك بل تتجول في جميع بساتين العلم النافع تقطف منها أجمل أزهارها، وتلتقط أفضل ثمارها، فإنها شخصية ذهبية تستحق كل الإجلال والتقدير، فلإن أجلّ الناس هم الأئمة الأربعة.
وغيرهم من العلماء لعلمهم فهي أولى بالإجلال والتقدير منهم فهي في مقدمتهم وأفضل منهم بلاشك، بل هي معلمتهم جميعا فما كانوا ليعرفوا قرابة ربع الدين لولاها رضي الله عنها.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.