رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الأربعاء 24 أبريل 2024 10:37 ص توقيت القاهرة

دكتورة شروق عاشور:وجدت الرهبنة بين المصرين دون سواهم من الشعوب

سناء فاروق تصوير عماد اسحاق

من خلال فاعاليات الملتقى الأول للتراث القبطي تحت عنوان “العمارة والفنون القبطية: توثيقها والحفاظ عليها” والذى عقد بمقر معهد الأنبا أثناسيوس للدراسات المسيحية ببا محافظة بنى سويف تحت رعاية صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ونيافة الحبر الجليل الأنبا إسطفانوس أسقف ببا والفشن وسمسطا وبرئاسة الاستاذ الدكتور مجدي منصور قدمت الدكتورة شروق عاشور ورقة بحثية هامة عن "الرهبنة القبطية " حيث استهلت فى مقدمة كلماتها بنبذة مصغرة عن العقائد المصرية القديمة فقالت

سيطرت العقائد الدينية على عقول قدماء المصريين وتغلغلت فى نفوسهم حتى نسجت خيوطها فى كيانهم الادبى ومن اهم تلك العقائد عقيدة الحياة بعد الموت فقد ادرك المصريون منذ فجر التاريخ ان حياة الانسان ليست من العبث بحيث تنتهى فى هذة الدنيا الفانية واهتدوا الى الاخرة فنراهم بنو لدنياهم بيوتا من اللبن والخشب بينما اتخذوا لاخرتهم القبور المنحوتة فى الصخر والاهرمات المشيدة بالاحجار وكذلك برعو فى المحافظة على الاجسادد بالتحنيط ضمانا لبعثة وخلودة فى الحياة الاخرى

واغلب الظن ان تفكيرهم كان روحيا ولكنهم لم يستطيعوا التحرر جملة من المظاهر والاتجاهات المادية ولدينا فى متون الاهرام وهى اقدم واغنى المصادر التاريخية للعقائد المصرية وكذلك كتاب الموتى نصوص صريحة تدل دلالة واضحة على انهم يعتبرون ان مصير الانسان فى الاخرة يترتب على سلوكة فى هذة الدنيا وقد ظلت تلك العقائد متغلغلة فى نفوس المصرين طول عصور تاريخيم حتى اتت المسيحية فصار المصريين اكثر الناس ادراكا لمبادئها واستجابة لتعاليمها

واشارت الدكتورة شروق عاشور لظروف الحياة العامة لدى المصريين فى هذا التوقيت حيث اعتمدت على بعض المصادر

وهى الوثائق وهو الاصطلاح الذى اطلق على مجموعة النقوش واوراق البردى والعملة التى اكتشفت حيث توضح لنا الاوضاع السياسية فترى منذ تولية بطليموس الاول ملكا لمصر انة اخذ مقاليد الحكم فى يدة وبدأ فى الاندماج والمزج المباشرمع الاغريق حيث تغلغلوا فى انحاء البلاد كافة واصبحوا طبقة مهمة استولت على افضل الاراضى وارفع المناصب والوظائف ولم يكن شرهم يقتصر عند هذا الحد بل امتدت ايديهم الى ديانة المصريين فمسحوها بعقائدهم المادية التى خلت من كل معنى روحى بل وفرضوا لغتهم على المصريين فقد دمرت القومية المصرية

ثم يأتى الرومان حيث يعتبرون ارقى طبقة فى مصر فى ذلك الوقت وتمتعوا بقدر كبير من الامتيازات فكانوا شر خلف لشر سلف فقد كان عصر يسودة الانحطاط والفساد بصورة كبيرة فى شتى نواحى الحياة حتى بلغت منتهى القسوة فى القرن الثالث الميلادى

بعد هذا يجب ان ندرك ما وصل الية المصريون المتعبون حقا والمثقلين بالاحمال فما ان اعتنقوا المسيحية واستمعوا الى نداء السيد المسيح " تعالوا الى ياجميع المتعبين والثقيلى الاحمال وانا اريحكم ""انجيل متى 28:11 " حتى لاح لهم فى الافق البعيد ان يذهبوا الى البرارى والقفار للتقوى والفضيلة فقد رأى اوائل الرهبان والنساك ان احاديث الناس تفيض هزلا فدفعهم ذلك الى ان ينطووا على نفسهم ويظهر هذا جليا فى حياة الانبا بولا الذى هرب من الوادى فى الصعيد الاوسط وتوغل فى الصحراء الشرقية وهو فى سن مبكرة وسكن فى احد الكهوف المطلة على البحر الاحمر الى ان بلغ من العمر عتيا اذ يذكر انة تنيح فى العام الثالث عشر بعد المئة من عمرة

واستعرضت الدكتورة شروق عاشور العديد من شخصيات مؤسسى الرهبنة وزعماؤها

فلاشك كانت عاملا لة اثر لاينكر فى تكوين النظام الرهبانى فلقد اجتذبوا القلوب للتشبة بهم فقد جعلوا امامهم كلماتهم كأنها نبراس يهتدون بة الى الطريق الصحيح وهو الرهبنة مثلما ذكر من اقوال الانبا انطونيوس

"ثمة اناس افنو اجسادهم بالنسك لكنهم ظلوا بعيدين عن اللة كونهم لم يقتنوا فضيلة التميز" وكذلك قولة "ضع مخافة اللة نصب عينيك دائما "

كما قال ايضا الانبا باخوميوس "الرهبنة هى الصوم بمقدار والصلاة بمداومة وعفة الجسد وطهارة القلب وسكوت اللسان وحفظ النظر والتعب بقدر الامكان والزهد فى كل شئ "

وكذلك من اقوال الانبا بيمن "من ثلاثة اعمال للراهب وهى الصوم الى المساء والصمت الدائم مع عمل اليدين كل يوم "

واضافت الدكتورة شروق عاشور عن تعاليم الاباء الاوائل

وتمجيدهم لحياة البتولية والنسك

فقد الهبت قلوب الشباب والعذارى فى الجيلين الثانى والثالث وجعلتهم مستعدون للانطلاق وراء النسك والتأمل

فمن الاقوال المشهورة للقديس كيريانوس "ان العذارى هن النصيب الامجد فى قطيع المسيح )200-280م)

وقد تلقى هولاء النساك مبادئهم وتعاليمهم فى جامعة شعبية ديمقراطية وقد كان التعليم نظريا وعمليا فى وقت واحد اذ كانو يلقنون هذة التعاليم وهم فى الوقت نفسة امثلة حية لها امام ناظرى مشاهديهم والمستمعين لهم

وفى كلمتها اكدت الدكتورة شروق عاشور على ان هذا المناخ خلق حركة مقاومة سلبية وعصيان مدنى او تمرد على الامبراطورية الرومانية واستبدادها وتأكيد لشخصية مصر واستقلالها الفكرى طالما عز عليها الاستقلال السياسى خاصة وان نشوء هذة الحركة تزامن مع جهاد الكنيسة القبطية الوطنية للحفاظ على معتقدها فى الوحدة والطبيعة الواحدة ضد الهرطقات المناوئة وبعد ان وجد المواطنون فى الايمان الجديد اساسيات ديانتهم المصرية القديمة الثالوث المقدس والحياة الاخرى

كذلك ظهرت حركة شعبية فى الدلتا والصعيد

ولم تنشأ فى الاسكندرية (العاصمة اليونانية لمصر ) فالاسكندرية فى ذلك الوقت كانت منبع العلوم ومهد الثقافات وملتقى الحضارات التى تهوى اليها النفوس فقد تردد عليها كثير من الزائريين بثقافاتهم المختلفة فالبعد كل البعد عنها والاقتران باستخدام اللغة القبطية لغة قومية وحيدة قدس بها الاباء الاولون ووعظوا بها وكتبوا بها رسائلهم وقوانينهم فلم يكن الانبا انطونيوس (ابو كل الرهبان ) يعرف اللغة اليونانية وكانت كتابات الانبا شنودة الذى يوصف بانة اعظم كاتب باللغة القبطية سببا فى دعم الهجة الصعيدية وازدهار ادابها طوال عدة قرون فالاديرة كالمؤسسات المصرية الخاصة تطور فيها ما يعرف بالقبطية فى لغتها وفنونها حيث ايقظت بين الطبقات والشعوب الاتجاهات والثقافات المحلية بحيث تكون مستقلة بعد ان رضخت بواسطة روما لهيلينية بكونها الثقافة الوحيدة

وعن الكنيسة المصرية قالت الدكتورة شروق عاشور

تعتبر هى كنيسة الشهداء والقديسين دون كنائس العالم حيث وجد الرهبان التمثل بالشهداء وما يعانوة من ظروف التعذيب وما اظهروة من ايمان عجيب وبطولات روحية فكل ذلك اثار الوزع الدينى فى قلوب الكثيرين فطالما لم يستطيعو ان يستشهدوا فهو اختبار من اللة فالطريق واحد الى السماء والنتيجة واحدة فى النهاية حيث حياة الزهد والعبادة مادامت ستؤدى فى النهاية الى الغاية السامية نفسها

وعن الاسس الاشتراكية فى الرهبنة قالت الدكتورة شروق عاشور

هى القائمة فى النظام الرهبانى بحيث كان جميع الاغنياء والفقراء والمتعلمين والجهلاء فى ان واحد يعيشون عيشة واحدة ويسمون لغاية واحدة وهى السمو بالروحانيات فى جو مصرى خالص بعيدا عن تسلط واستبداد الاغريق وكان الاندماج فى هذا الطريق سهلا وميسرا لمن يشاء ومومعهدا لمن يرى ان يستقل باشتراكية بعيدا عن جو تسودة الدكتاتورية والتميز للفئات الموجودة الاخرى وشجعت اراض مصر بكل تضاريسها من جبال وصحراء وكثبان ومرتفاعات ومنخفضات حيث وفرت الجو الروحى للتعبد والانعزالية حيث اقترب الصحراء والجبال للراغبين فى العزلة والذين فضلوا الفقر الاختيارى والتجرد من مباهج الحياة بعيدا فى البرارى حيث تمكنهم الطبيعة المصرية من العيش طيلة ايام السنة فى الخلاء فألتامل والانفرادية من اسس النظام الرهبانى المساعدة للراهب على خوض تجربتة القاسية مع نفسة

عقد الملتقى الأول للتراث القبطي تحت عنوان “العمارة والفنون القبطية: توثيقها والحفاظ عليها” برعاية نيافة الحبر الجليل الأنبا إسطفانوس أسقف ببا والفشن وسمسطا وبرئاسة الاستاذ الدكتور مجدي منصور ومقرر المؤتمر الدكتور وديع بطرس ومنسق عام المؤتمر القس بولس رفعت وحضرة العديد من اساتذة ودكاترة الجامعات وكوادر وزارة الاثار والعديد من الباحثين والمهتمين بالعمارة والاثار القبطية ومجمع كهنة مطرانية ببا وسمسطا والفشن

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.