رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

السبت 27 أبريل 2024 9:30 م توقيت القاهرة

زوجها والدها مقابل "عنزة وكيس أرّز"

متابعة : داليا مؤمن البارودي

منذ بضعة أيام تتناقل شبكات التواصل الاجتماعي في أفغانستان على نطاق واسع فيديو نرا فيه طفلة تدعى غريبغول وعمرها ستّ سنوات وهي تبكي. لقد أُجبِرت غريبغول على الزواج من مُلاّ من قريتِها عمرُه 55 عاماً باتفاق مع والدها مقابل ... عنزة وبعض الأغذية. وتُثير هذه القضيّة حُنق الأفغانيين لكنها للأسف تعكس واقعا رهيباً. 

إن القانون الأفغاني يسمح بزواج الفتاة بدءا من السادسة عشرة والشاب بدءا من الثامنة عشرة. وحسب مراقبنا، إن حالات تزويج الفتاة قبل السنّ القانونيّ ليست نادرة، لكن الفارق الشّاسع في السنّ بين غريبغول والمُلاّ سيد عبد الكريم استثنائيّ. ويندّد الأفغانيون بهذا الزواج على السّواء بسبب الفارق بين عمر الزوجين (49 سنة) كما بسبب الأب الذي رضي بأشياء زهيدة مقابل يد ابنته.

منذ 40 يوماً زُوِّجَت غريبغول بِمُلاّ أوبيه، القريةُ التي تعيش فيها مع عائلتِها. لقد باعها والدها مقابل عنزةٍ وكيسٍ من الأرزّ والشّاي والسكّر إضافةً إلى بعضِ ليتراتٍ من زيتِ الطّبخ.

اصطحبَها المُلاّ بعد الزواج إلى فيروزكوه في مقاطعة غور، ليعيشَ معها في منزل واحد مع قريبه الذي ظنّ في البداية أنها ابنتُه. لكنّه سُرعانَ ما اكتشف الحقيقة عندما رأى المُلاّ يعرّي الطفلة لينامَ معَها [حسب التقارير الطبية التي أُجريَت على الطفلة في مستشفى غور لم يحصل أيّة علاقة جنسية] ... فسأل المُلاّ: ـ أليست هذه ابنتك؟ ـ "لا، إنها زوجتي أعطاني إيّاها والدها"، أجاب المُلاّ. أخبرَ قريبُه أحد أصدقائه بالقصّة، فأعلمَ هذا الأخير المكتبَ المحليّ لحقوقِ المرأة في مقاطعة غور الذي بدورِه أبلغَ الشّرطة وأطلعني على الأمر. 

في اليوم التّالي، 31 يوليو/تموز، أوقفت الشّرطة المُلاّ قبل أن توقِف والد غريبغول في قريتِه بعد أن تلقّى ضرباً من نساء القرية .

 

تعيش غريبغول من الآن فصاعداً مع والدتها، في أمان في منزل في فيروزكوه. وقالت نجينة خليلي التي تدير مكتب حقوق المرأة في غور أنها ستفعل ما بوسعِها لحرمانِ الأبِ من حقوقِه الأبويّة ولتحصل غريبغول على الطّلاق. إنما ما يعقّد الأمور أن الزواج كان دينياً فقط وبالتّالي لا يستطيع القاضي أن يفكَّ هذا الزواج، فعلى إمام آخر أن يقوم بهذا، إضافة إلى أن الطّلاق ما زال تابو في أفغانستان.
 

"هذه القصة ليست إلاّ واحداً من أشكال العنف التي تتعرّض لها الفتيات في أفغانستان"

لا يحقُّ لأحدٍ أن يتزوّج من فتاةٍ قبل السنّ القانوني لكنَّ الأئمّةَ كهذا المُلاّ هُم موضِع احترام بالغٍ ولا أحَد يواجههم بتبعيّات سلوكهم. يجب أن نفهَم أيضاً أنّه يُضاف إلى هذا مُشكلة الفقر. لقد قال والدُ الطفلة أنّه عاجزٌ عن إعالةِ عائلتِه حتى نهايةَ الشّهر وأنَّ بيْعَها لا يعني فقط أن يربحَ مقابلُها عنزة وغذاء لكن أيضاً التخلّص من عبْءِ إطعامِها. لقد حاول الدفاعَ عن نفسِه قائلاً أنّ المُلاّ قد وعدَه بعدم مضاجعة ابنتِه قبل أن تبلغَ الثامنة عشرة عاماً. أتمنّى حقّا أن يُعاقب الرجلان بالسِّجن. 

هذه القصّة ليسَت إلاّ مثلاً من أشكال العنف الكثيرة التي تتعرّض لها الفتيات في أفغانستان. إنّ معظمها يبقى طيّ الكتمان ولا يتناولُه الإعلام ومع هذا فهناك بعض الحالات التي صدَمت الأفغانيين حديثاً كقصّة زهرة على سبيلِ المثال التي أُجبِرَت على الزواجِ وهي في الثامنة. وقصة روكشانا، 19 عاماً، التي رُجِمت حتّى الموت العام الفائت. لقد زُوِّجَت قسريّا قبل السادسة عشرة لكنها اتُّهِمت بإقامة علاقات جنسيّة مع شاب من عمرها... وقد انتشرَ الفيديو الذي نراها فيه وهي تُرجَمُ في خارج أفغانستان وصدَم العالمَ كلّه.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.