رئيس مجلس الإدارة   
            د/ نبيلة سامى                   

                                               

          صحافة من أجل الوطن 

              (  مجلة مصر )

                             ( أحدث إصدارتنا)

الخميس 25 أبريل 2024 2:22 ص توقيت القاهرة

غلاء الأسعار على صفيح ساخن !

تحقيق:- د.ايهاب طلعت

 

في ظل الغلاء الفاحش الذي أصاب الكثير من مجتمعنا ارتفاع مفتعل من التجار الجشعين في الأسعارومن أسباب شقاء الإنسان الفقير وبؤسه هو صنيع التجار وغيرهم بإغلاء الأسعار بدون ضرورة معتبرة شرعاً  ليزدادوا  غنى على حساب الفقراء ولقد تضمنت مصادر الشريعة الإسلامية النصوص والأحكام والقواعد والمبادئ التي تعالج مشكلة الغلاء الناجمة عن سوء سلوكيات التجار والوسطاء المحرمة شرعاً.

وفى أطار هذا الموضوع كان لنا التحقيق التالى :

فى البداية يقول الدكتور رفعت العوضي أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة في جامعة الأزهر:  نعم العالم يعيش الآن فيما يمكن أن يطلق عليه أسوأ أزمة تتعلق بالأسعار وخاصة في أسعار السلع الغذائية وهذا الأمر كان يجب أن يكون موضع اعتبار في كثير من الدول وخاصة دولنا الإسلامية في ظل النظام الاقتصادي العالمي الذي بدأ يسود العالم منذ حوالي عقدين من الزمان. منذ حوالي عقدين جاءت العولمة وجاءت معها منظمات اقتصادية ومن أهم هذه المنظمات منظمة التجارة العالمية وهذه المنظمة فتحت أسواق كل الدول أمام التجارة الخارجية وأصبحت كل الدول في منافسة كاملة بعض هذه الدول كانت المنافسة فيها يعني هي غير مؤهلة لهذه المنافسة وخاصة في مجال القطاع الزراعي. أنا أعتقد أن ارتفاع الأسعار الذي حدث في هذه السنة على وجه الخصوص هو محصلة لتفاعل كل الأحداث الدولية والعلاقات الاقتصادية الدولية خلال العقدين الأخيرين من الزمن

السلوك الإنسانى

وأضاف العوضى :لك أن تتصور حجم المشكلة والجشع للمال سلوك عند بعض الناس يعني هذه مسألة يجب.. لكن دعني من الاعتبارات الشخصية أنا أتكلم على مستوى سياسات دول دول يجب أن تكون عندها أجهزة وعندها هيئات وهذه الأجهزة وهذه الهيئات تقوم بدراسات لمعرفة كيف ستسير الأمور وما هي التوقعات سواء بشأن الاقتصاد أو بغير الاقتصاد أما كون هناك جشع أو غيره فهذه أمور تتعلق بالسلوك الإنساني لا نستطيع أن نطلب من الناس أن يكونوا ملائكة إنما المطلوب من الدولة كجهاز لها إمكانيات ضخمة وتوضع في يدها كل القرارات الدولة هي التي تدرس ما هي الاحتمالات القادمة وكيف تواجه هذه الاحتمالات.

وقضية التسعير في موضوع الاقتصاد الإسلامي. هناك حديث كثير من الناس يرتبطون به وقد يقفون عنده فقط هذا الحديث يعني هو عندما ارتفعت الأسعار في المدينة المنورة في عصر الرسول عليه الصلاة والسلام وسأل الصحابة سيدنا الرسول عليه الصلاة والسلام أن يسعر لهم فرفض التسعير وقال إن الله هو القابض الباسط الرازق وإني أرجو أن ألقى الله وليس في.. ولا يطالبني أحد بدم في مظلمة ولا مال. نعم نقول إن هذا سيدنا الرسول عليه الصلاة والسلام هنا وضع أساس حرية عمل السوق وهذه حقيقة وأنا أقول لك حرية عمل السوق توجد الحافز الاقتصادي الذي يحقق التقدم في المجتمع ولكن الاقتصاد في كل الدنيا يقوم على أساسين رئيسيين الأساس الأول هو التقدم والأساس الثاني هو العدالة فإذا كانت حرية السوق تطلق الحافز وتحقق التقدم فإن هناك بجانب ذلك إجراءات مطلوبة لتحقيق العدالة وهنا أيضا تجيء لنا سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم الرسول صلى الله عليه وسلم كان يراقب الأسواق بنفسه ويراقب الأسواق من حيث السلعة وجودتها وعدم الغش فيها كما يراقب أسعار هذه السلع وظل هذا التقليد طوال الحضارة الإسلامية. وللفقهاء آراء محددة في هذا الجانب الفقهاء يقولون إذا تحقق الضرر وجب التسعير هذه قضية فقهية متفق عليها إذا وجد الضرر سواء وجد الضرر في شكل احتكار أو غير احتكار يجب التسعير وهناك عبارة للفقهاء يقولون فيها يعني التسعير منه ما هو ظالم فيمنع ومنه ما هو واجب فيجب أن يفعل.

معيار شكلى

مؤكدا الاحتكار قضية اقتصادية وهي قضية اقتصادية مثارة الآن يعني معروفة وبدأت تثار وخاصة في الآونة الأخيرة من وجود ممارسات احتكارية من كثير من الناس الذين يعني أصبحوا في موقع القرار السياسي. فالاقتصاد عندما يتكلم عن الاحتكار أنا أقول إنه يرتبط بمعيار شكلي يقول لك إذا كان الموجود في السوق فرد واحد أو اثنان يتكلم عن احتكار مطلق أو احتكار ثنائي أو غير ذلك الإسلام له رؤية محددة تماما في موضوع الاحتكار إذا تحقق الضرر فهذه حالة احتكار ويتدخل الإسلام هنا ونراجع الفقه في هذا الصدد ولكن كيف يتدخل الإسلام؟ قالوا تباع السلعة موضع الاحتكار جبرا على صاحبها والفقهاء يتناقشون هل نعطي لصاحب هذه السلعة الثمن الذي اشتراها به أو لا يعطى عقوبة له وأنا أعتقد أن هذا الموقف الإسلامي في تكييف الاحتكار موقف متميز للغاية إذا تحقق الضرر فهذه حالة احتكار وطبق هذا الكلام على أي سلعة وفي أي سوق وفي أي مكان وفي أي زمان وتراجع الكتابات الفقهية.وما يتعلق بارتفاع الأسعار الواقع الآن لا تستطيع أن تقول إنه يرجع إلى ارتفاع التكلفة لأن التكلفة إما أن تكون أجورا دفعت أو تكون أسعارا لمواد خام بيتم تصنيعها يبقى هذا جانب التكلفة جانب الطلب أن يحصل ضغط على السلع فترتفع أثمانها دي قضية أخرى أيضا.

قضية خطيرة

وأضاف :كيف يتم التسعير أولا؟ أن نترك قوى السوق تعمل دون ضابط هذا خطر وأقول لك في البلاد المتقدمة لا يتركون السوق يعمل بدون ضابط وما يصدر إلينا من أشكال الرأسمالية أؤكد لك أنه لا يطبق في بلادهم يعني إذا لنفس الأمر لم نكن صرحاء على هذه النحو فهذه قضية خطيرة. إما الإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه له عبارة في غاية القوة في كيف تتحدد الأسعار يقول يجمع الحاكم -بأحاول أترجم عبارته- وجوه أهل السوق اللي هم كبار المتعاملين في السوق ويجمع غيرهم استظهارا عليهم هؤلاء هم الخبراء وينازلهم إلى ما فيه لهم وللكافة السداد. هذه هي اللجنة الثلاثية التي طرحها الإمام علي لتحديد الأسعار. أقول لك هل تعلم أن هذه اللجنة هي التي تعمل الآن في البلاد المتقدمة لجنة مشابهة لها تماما في البلاد المتقدمة كل عام أو أقل من عام تجتمع لجنة من ممثلي نقابات العمال هذا طرف وممثلين لجميعات رجال الأعمال وممثلين لجمعيات المستهلكين ويحددون الأسعار إلى أي حد وصلت وتبدأ المتغيرات الأخرى كلها يتم تعديلها على هذا الأساس. هذا الكلام الذي أقوله في واحد اسمه جالبيرتس اقتصادي أميركي عمل نظرية اسمها القوة المتكافئة اللي هي من القوة دي ودي اللي بتحكم النظام الرأسمالي عندهم. إنما ده النظام الرأسمالي عندنا مطلق على هذا النحو ولا توجد لجنة تحكمه أو غيره

 

غذاء الروح

ويقول الدكتور حسين شحاته استاذ الاقتصاد الإسلامى بجامعة الأزهر :لقد كَفَل الإسلام للإنسان الحاجات الأصلية التى تحقق له الحياة الكريمة وتعينَه على عبادة الله سبحانه وتعالى  لتتفاعل الماديات والروحانيات فى إطار متوازن لبناء الجسد وغذاء الروح حتى أن الفقير الذى لا يملك الحد الأدنى للحاجات الأصلية كفل الله سبحانه وتعالى له حقاً معلوماً فى مال الغنى  ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: (وَالَذِينَ فِي أَموَالِهِم حَق مَعلُوم  لِلسَائِلِ وَالمَحرومِ ) كما أشارت السنة النبوية إلى ذلك عندما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا معاذ بن جبل إلى اليمن فقال له : " أعلمهم بأن الله افترض عليهم صدقة  تؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم "  رواه مسلمويعنى هذا أن للفقير حقوقاً عند الغنى وعند الدولة حتى يعيش حياة كريمة ومن مسئولية ولى الأمر فى الإسلام أن يكفل للإنسان بصفة عامة وللفقير بصفة خاصة هذه الحقوق ولا سيما عند غلاء الأسعار ويعتبر مسئولاً أمام الله تعالى عن شقاء رعيته ، فهو راع ومسئول عن رعيته .
ومن أسباب شقاء الإنسان الفقير وبؤسه هو صنيع التجار وغيرهم بإغلاء الأسعار بدون ضرورة معتبرة شرعاً  ليزدادوا  غنى على حساب الفقراء ولقد تضمنت مصادر الشريعة الإسلامية النصوص والأحكام والقواعد والمبادئ التي تعالج مشكلة الغلاء الناجمة عن سوء سلوكيات التجار والوسطاء المحرمة شرعاً.

الحياة الكريمة
وأضاف شحاته :تعتبر مشكلة غلاء الأسعار من أبرز المشكلات التى تسيطر على هموم الفرد والأسرة ولا سيما الطبقات الفقيرة التى هى دون حد الكفاية ومنها ما يكون قد وصل إلى حد الكفاف حيث الشقاء والمعيشة الضنك  أى التى تعانى من نقص فى الحاجات الأصلية للحياة الكريمة التى كفلها لها الإسلام كما سبق الإيضاح .ولمشكلة غلاء الأسعار أسباب كثيرة يضيق المقام والمكان لعرضها  منها أقدار الله تعالى مثل انخفاض المعروض من السلع والخدمات بسبب الجفاف أو القحط أو النوازل السماوية والتى ليس للإنسان فيها دخل  وهذه من قَدَر الله تعالى للابتلاء وللعقاب  وفى هذا المقام يجب على الإنسان الدعاء والاستغفار كما قال سيدنا نوح لقومه عندما شكوا من العوز : فَقلت استَغفِروا ربَكم إِنّه كَانَ غَفَاراً  يرلِ السَمَاءَ عَلَيكم مِدرَاراً  وَيُمْدِدْكُم بِأَموَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجعَل لَّكم أَنهَاراً )وهذا ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما ارتفعت الأسعار  وطلب منه الصحابة التسعير ، فقال لهم : " ادعو الله  إن الله هو المُسَعِر القابض الباسط  وإنى لأرجو أن ألقى الله وليس أحدكم يطالبنى بمظلمة فى دم ولا مال " رواه مسلم

السلوكيات الاقتصادية

ويرى شحاته :من أسباب غلاء الأسعار كذلك تصرفات وسلوكيات رجال الأعمال من تجار ومصنعين ووسطاء المخالفة لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية مثل : الاحتكار والتكتلات المغرضة  والغش  والتطفيف  وانخفاض الجودة  ونحو ذلك  ولقد نهى الإسلام عن هذه السلوكيات الاقتصادية السيئة  فعلى سبيل المثال حرَّم الرسول صلى الله عليه وسلم الاحتكار  فقال صلى الله عليه وسلم: " لا يحتكر إلا خاطئ " رواه مسلم وقال : " من احتكر طعاماً أربعين يوماً فقد برئ من الله وبرئ الله منه " رواه أحمدوفى نفس الوقت حث الرسول صلى الله عليه وسلم على خفض الأسعار للتيسير على الناس لما فى ذلك من مرضاة الله والفوز بثوابه  بل رفع الإسلام الجالب لإرخاص الأسعار إلى مرتبة المجاهد فى سبيل الله  فيقول صلى الله عليه وسلم: "أبشروا فإن الجالب إلى سوقنا كالمجاهد فى سبيل الله ... "  وبَشَر الرسول صلى الله عليه وسلم الجالب بالبركة وزيادة الكسب  فقال: "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون" رواه مسلم
 

عملية الجلب

مشيرا إلى أن هناك أسباب مفتعلة من سوء سلوكيات التجار وغيرهم لإحداث الغلاء فى الأسعار يجب علاجها وهذا من الواجبات الدينية لولى الأمر  ومن سنن الله تعالى غلاء الأسعار  ولم يقف الإسلام مستسلماً أمامها بل استنبط فقهاء الإسلام وعلماء الاقتصاد الإسلامى الأساليب لعلاجها أو التخفيف من آثارها ومن هذه الأساليب على سبيل المثال وليس الحصرمنع الاحتكار بكافة صوره وأشكاله وحيله . وتجنب المغالاة فى فرض الضرائب والرسوم والمكوس على المعاملات حيث يقوم رجال الأعمال بإضافتها ونقل عبئها على المستهلكين فترتفع الأسعار .  وتخفيف القيود والحواجز على انتقال السلع والخدمات من مكان إلى مكان لتسهيل عملية الجلب  وهذا بدوره يرخص الأسعار .  ومنع المعاملات المنهى عنها شرعاً فى الأسواق والتى تقود إلى ارتفاع الأسعار  ومنها على سبيل المثال :الغش فى الجودة .
والتطفيف فى الكيل والميزان .والغرر وإعطاء معلومات غير سليمة والجهالة والتدليس على المتعاملين .ونقص المعلومات الصادقة الأمينة .والإشاعات المغرضة التى تجعل الناس يتهافتون على الشراء بدون حاجة .والمعاملات الوهمية والتى تتضمن صوراً معاصرة من الميسر .ووسائل الإعلان والدعاية المنهى عنها شرعاً والتى تعطى معلومات كاذبة وخادعة للمستهلكين .

وتحريم الإسراف والتبذير ويجب الاقتصاد فى النفقات ولا سيما وقت الأزمات الاقتصادية .  وتحريم التخزين بدون ضرورة معتبرة شرعاً ولا سيما عند وجود نقص فى العرض .  وإعادة النظر فى سلم الأولويات فى النفقات حيث يتم التركيز على الضروريات والحاجيات وتجنب الإنفاق وشراء الكماليات . والرقابة الفعالة على سلوكيات التجار ومعاقبة الجشعين والمحتكرين منهم .  وقيام الدولة بالتسعير فى حالة الاحتكار  بدون وكس أو شطط ،لاضرر  ولا ضرار   والاقتصاد فى النفقات وتحجيم شهوة الشراء ، فليس كل ما يشتهيه الإنسان يشتريه .  وقيام الدولة بدعم السلع والخدمات الضرورية عند الحاجة لتوفير الحاجات الأصلية للإنسان .وقيام الجمعيات الخيرية بدعم الحاجات الأصلية للفقراء من موارد الزكاة والصدقات والكفارات والنذور والوصايا والصدقات الجارية ونحو ذلك .  أي وسائل أخرى لا تتعارض مع أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية .

الضوابط الشرعية

وأضاف شحاته :لقد وضع الإسلام نظاماً يسمى ( نظام الحسبة ) ومن أهم أغراض هذا النظام هو الرقابة على الأسواق للتأكد من خلوها من المعاملات المنهى عنها شرعاً بصفة عامة  وخلوها من الاحتكار والسلوكيات غير المنضبطة للتجار وما ينجم عن ذلك من ارتفاع مفتعل فى الأسعار بصفة خاصة .ولقد نجح هذا النظام فى المساهمة فى علاج مشكلة الارتفاع المصطنع فى الأسعار بفعل التجار الجشعين  ويقوم هذا النظام على مجموعة من الضوابط الشرعية والتى نحن فى حاجة إليها .ومن ناحية أخرى يجب على رجال الفقه والدعوة الإسلامية تبصير التجار والوسطاء والمستهلكين بالآداب والسلوكيات الإسلامية للمعاملات وبيان جوانب الثواب عند الالتزام بها حتى يتحقق الخير للجميع.

 

البيع المبرور

 وأوضح الشيخ صبري عبادة مستشار وزير الأوقاف لقطاع المديريات إن الاحتكار ورفع الأسعار من التاجر الجشع يزيد من العناء على الإنسان والتضييق عليه وهو ما نهى عنه الشرع يقول النبي صلى الله عليهِ وسلم: (أَطيب الكَسبِ عمَل الرجلِ بِيدِهِ وكل بَيعٍ مبرورٍ) رواه أحمَد فالبيع المبرور ينبغي أن يكون خاليًا عن الغش والبيع المبرور ليس في نوعٍ من أنواعه احتكار لأن النبي صلَّى الله عليهِ وسلَم يقول: (لا يحتَكِر إِلا خَاطِئ) أي آثم يأثم الرجل التاجر الذي يحتكر البضائع ويدخرها أو يشتريها ويجمعها من الأسواق ومن التجار لتكون عنده ثم تباع بطريقة ليس فيها رحمة للمشتري وخاصة الفقراء وكذلك البيع المبرور ليس فيه جشع أو طمع وليس فيه تشدد أو قسوة أو استغلال لحال الناس وقال النبي صلى الله عليهِ وسلم: (قَد أَفلَحَ مَن أَسلَمَ وَرزِقَ كَفَافًا وَقَنعَه الله بما آتَاه) صحيح مسلم والترمذي وعلى التاجر أن يتحلى بالرحمة كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يتحدث عن التجار: (رَحِمَ الله رجلاً سَمحا إِذا باع وإِذا اشتَرى وإِذا اقتَضى) رواه البخارِي.

وأضاف على الحكومة الرقابة على التجار وتحديد الأسعار بما يناسب الظروف الاجتماعية التي يمر بها المواطن ومعاقبة التاجر الجشع وتقديمه للمحاكمة ووضع قانون يجرم ذلك رأفة بالمواطن الذي يعاني من معاناة الحياة الصعبة

معشر التجار

وأشار الداعية الإسلامى الشيخ منصور الرفاعى عبيد  وكيل أول وزارة الأوقاف الأسبق :إذا تتبعنا تاريخ الغلاء نجد أن الغلاء قد حدث أيضاً في زمن أبي بكر قحط الناس فقدمت لعثمان -رضي الله عنه- قافلة من ألف راحلة من البر والطعام. فغدا التجار عليه فخرج إليهم فقال: ماذا تريدون؟ قالوا: بلغنا أنه قدم لك ألف راحلة براً وطعاماً بعنا حتى نوسع على فقراء المدينة. فقال لهم: ادخلوا فدخلوا. فقال: كم تربحوني على شرائي؟ قالوا: العشرة اثنا عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشرة أربعة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشر خمسة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟. قال: زادني بكل درهم عشرة عندكم زيادة؟. قالوا: لا. قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة.هكذا كان عثمان -رضي الله عنه- وابن عوف وغيرهم من أغنياء التجار يجودون على فقراء المسلمين ولا يستغلون مثل هذه الفرص لكي يرفعوا الأسعار ويحتكروا الأطعمة ليبيعوا على الناس بالغلاء إن الرفق بالمسلمين أمرجد طيب وإن الحرص على مصلحتهم أمر جد حسن.و حدث غلاء علي عهد عمر بن الخطاب في عام الرمادة أو المجاعة وحصل قحطٌ شديد وقل الطعام ودام تسعة أشهر. وسمي عام الرمادة لأن الريح كانت تسفي تراباً كالرماد وقيل: لأن الأرض كانت سوداء مثل الرماد.وحدث غلاء في عهد علي بن أبي طالب للزبيب وقال أرخصوه بالتمر ..
 

زيادة الانتاج

مبينا إن غلاء الأسعار له نتائج غير مباشرة من تحول نسبة كبيرة من الطبقة متوسطة الدخل إلى قسم الطبقة الفقيرة وسعي بعض الناس للحصول على المال بطرق غير شرعية كالسرقةوالرشوة.ولا بد أن يكون في مجتمعات المسلمين العمل على زيادة الإنتاج وتوفير السلع بأنسب الأثمان ودعم السلع للمواد الأساسية وانتشار المؤسسات الخيرية والقضاء على الربا الذي هو السبب الرئيس للتضخم المؤدي إلى غلاء الأسعار. ثم منع الاحتكار فهذه عدة إجراءات لمن ولاه الله أمر المسلمين أن يقوم بها. فيجوز له أن يسعّر للناس إذا دعت الحاجة كما بين الفقهاء والنبي -صلى الله عليه وسلم- لما قالوا له: سعر لنا. -غلا السعر في عهده عليه الصلاة والسلام-. فقال:(إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال).هذا الترك للتسعير لأن المسألة لم تصل إلى حد الضرورة والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يرجو التفريج وهذا ما حصل.
وأما إذا وصلت القضية إلى تواطؤٍ من التجار وتلاعب بالأسعار وحبس للمواد حتى يرتفع سعرها ويكثر الطلب والعرض قليل عن مؤامرة فلا بد من فك هذا الظلم كما قال العلماء. ويكون في هذه الحالة التسعير جائزاً. وإن طبيعة الاستغلال والجشع التي تدفع إلى رفع أسعار الأدوية التي يحتاجها المرضى من غير اهتمام ولا نظر في حالهم. والأصل أنه لا يحدد سعر للبيع والسوق يحدد السعر بنفسه.أن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير سعر عليهم تسعير عدل  لا وكس فيه ولا شطط –لا نقصان ولا زيادة – وإذا اندفعت حاجتهم وقامت مصلحتهم بدونه لم يفعل.

تصنيف المقال : 

إضافة تعليق جديد

CAPTCHA
This question is for testing whether or not you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.